للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلك المكارمُ لا قَعْبانِ من لَبَنٍ (١)

وكتب إلى عمَّاله أن يَنْهَوْا النساء عن الخروج مع الجنائز والنِّياحة والبكاء، وكشف وجوههنَّ ونَشْرِ شعورهنَّ، وشَقِّ جيوبهنَّ، وقال: إنما ذلك فعل الجاهلية والأعاجم (٢).

وسُئل عن عليّ وعثمان رضوان الله عليهما والجمل وصفِّين، وما كان بينهم، فقال: تلك دماءٌ كفَّ اللهُ يدي عنها، فأنا أكره أن أغمسَ لساني فيها (٣).

وقدم عليه بلالُ بن أبي بُرْدَة وأخوه عبدُ الله من الكوفة، فاختصما إليه في الأذان في مسجدهم، فارتابَ بهما عمر ، فَدَسَّ إليهما رجلًا من أصحابه يقال له: العلاء بن المغيرة، وكان بلال قد لزم ساريةً يتعبَّد عندها ليلًا ونهارًا، فقال لهما: ما تقولان إن كلَّمتُ أميرَ المؤمنين فولَّاكما العراق؛ ما تجعلان في؟ فبدأ الرجل ببلال، فقال: أُعطيك مئة ألف درهم. ثمَّ أتى أخاه فقال له مثلَ ذلك، فأخبرَ الرجلُ عمر ، فقال لهما: الحقا بمصرِكما. وكتبَ إلى عبد الحميد: لا تُولِّ بلالًا بُليل الشَّر، ولا أحدًا من ولد أبي موسى شيئًا. إذْ سبكنا بلالًا فوجدناه خبثًا كلَّه (٤).

ولما ولِيَ عمر بن عبد العزيز الخلافة كتبَ إلى سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب : اكتُبْ إليّ بسيرة عمر. فكتب إليه: إنَّ عمر كان في غير زمانك، وفي


(١) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٨١. وعجز البيت فيه: شِيبَا بماءٍ فعادا بعدُ أبوالا. وهو من قصيدة لأبي الصَّلْت (والد أمية) في مدح فارس حين قتلوا الحبشة. ينظر "طبقات فحول الشعراء" ١/ ٢٦٠ - ٢٦٢. ومَسْكِن: موضع على نهر دُجَيل عند دير الجاثليق، به كانت الوقعة بين عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزبير سنة (٧٢)، وقُتل فيها مصعب، ودَيْر الجماجم: موضع بظاهر الكوفة كانت عنده الوقعة بين الحجاج بن يوسف وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث سنة (٨٢) وكُسر فيها ابن الأشعث. ينظر"معجم البلدان" ٢/ ٥٠٣ - ٥٥٤ و ٥/ ١٢٧. والقَعْب: قدح ضخم.
(٢) بنحوه في "طبقات" ابن سعد ٧/ ٣٨١. ونُسب الخبر في (ص) إليه.
(٣) المصدر السابق ٧/ ٣٨٢. ونسب الخبر في (ص) إليه.
(٤) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٨٣ دون قوله آخره: إذ سبكنا … إلخ. فهو في "تاريخ دمشق" ٣/ ٤٩٠) مصورة دار البشير- ترجمة بلال بن أبي بردة) ولم يرد هذا الخبر في (ص).