للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشاع الخبر في الجند وغيرهم، فما سألتُ أحدًا منهم إنصافًا أو كفًّا عن القبيح إلا وأطاعني (١).

حديث الخادم:

ذكر الحافظ ابن عساكر عن القاضي أبي عمر محمَّد بن يوسف قال: قدم خادم (٢) من وجوه خدم المعتضد إلى أبي في حكومة، فارتفع في المجلسِ على خصمه، فأمره الحاجب بموازاة خَصمه فلم يفعل؛ إدْلالًا بمحلِّه من الدَّولة، فصاح عليه أبي وقال: قِفاه، يا غلام، اذهب بهذا العبد إلى النَّخَّاس، فبعه واحمل ثمنه إلى أمير المؤمنين، فأخذ الحاجب بيده وسوَّاه مع خصمه وحكم عليه، فجاء إلى الخليفة وبكى بين يديه، وقال: فعل بي وفعل، فصاح عليه المعتضد وقال: والله لو باعك لأَجَزْتُ بيعَه، ولما رَجَعتَ إلى ملكي أبدًا، وليست خصوصيتك بي مما يزيل مرتبة الحكم، فإنَّه عمود السلطان وقوام الأديان (٣).

وقال عبيد الله الوزير: كنت ليلة عند المعتضد وغلام بيده المَذَبَّة يروح عليه، فنَعِس الغلام، فأصاب بالمذبَّةِ قَلَنْسُوةَ المعتضد، فوقعت من رأسه، فقال له: اذهب واسترح. وغُصْتُ والله في الأرض خوفًا من هيبته فقلت: والله يا أمير المؤمنين، ما سمعتُ بمثل هذا الحِلْم، فقال: وهل يجوز غير هذا؟ إنَّ هذا البائس لو دار في خَلَده ما جرى لذهب عقلُه، وتَلِفَت نَفْسُه، وقد طال تَعبُه ونُعاسه، وإنَّما يلحق الإنكارُ المتعمِّدَ لا الخاطئ ولا الساهي، ثمَّ زاد في عدد غلمانه برسم المذبّة.

[حديث المعتضد مع المجوسي:]

قال محمَّد بن عبد الملك: أراد المعتضد تجهيز جيش، فعجز عليه بيتُ مال العامَّة، فأُخبر بمجوسيٍّ له مال عظيم، فاستدعاه وقال: تقرضني كذا وكذا من المال وأُعيده إليك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، أنا ومالي بين يديك، فقال: كيف وثقْتَ بنا أننا نردُّ


(١) نشوار المحاضرة ١/ ٣١٥، والمنتظم ١٢/ ٣١٧.
(٢) في (خ): وقال القاضي أبو عمرو محمَّد بن يوسف قدم خادم، والمثبت من (ف) و (م ١)، والخبر في مختصر تاريخ دمشق ٣/ ١١٥، ونشوار المحاضرة ١/ ٢٤٥.
(٣) في النسخ: الأبدان. والمثبت من المصادر.