للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يأكل ويلبس المخدوم، وحدود الأعمال التي يقومون بها، وهي كل ما يطيقون ويستطيعون، وإذا تطلب الأمر تكليفهم بأعمال شاقة، فقد وجب إعانتهم، إما بالنفس أو بتوفير آلة لهم تيسر عليهم العمل، أو ندب عامل يساعدهم حتى ينتهي العمل الشاق، ودليله أن الحديث لم يحدد كيفية الإعانة فيدخل فيها كل وسيلة من شأنها رفع المشقة، فإن قال قائل: هناك أمور في العلاقة بين الخادم والمخدوم لم يحددها أو يتطرق إليها الحديث، قلت: تلك الأمور يجب معالجتها في نطاق قوله صلى الله عليه وسلم: «إخوانكم خولكم» ، فهل يوجد من هو أرحم بالأخ من أخيه.

وأقول لإخواني المسلمين: معاملة الأجير بالحسنى، ابتغاء أجر الله- سبحانه وتعالى ومحبة اتباع سنة الحبيب، صلى الله عليه وسلم لا تظهر ولا تكون إلا إذا أساء الخادم أو الأجير، فهنا يظهر التسامح والعفو والإحسان، قال تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: ١٣٤] ، فهل يكظم الإنسان غيظه ويعفو إلا إذا حدث له ما يغضبه، ولن يبلغ المسلم منزلة الإحسان إلا إذا تقيد بهذه الآية الكريمة، كظم للغيظ ثم عفو ثم إحسان.

هـ- ما أوتيه النبيّ صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم حيث ذكر الملام والملوم فيه والملام بسببه، في كلمتين «أعيرته بأمه» .

[الفائدة الثانية:]

في مناقب أبي ذر رضي الله عنه:

١- أمانته رضي الله عنه في نقل العلم، ولو كان فيه شيء يجرحه، من حيث الفعل الذي فعله، واللوم الذي وجّه له، فلم يكتم شيئا، وهذا يدل على قدر أمانة وصدق الصحابة جميعا.

٢- همته العالية في اتباع السنة ويتبين ذلك من:

أ- أخذه بالأتم والأكمل من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يلبس الخادم شيئا مشابها لما يلبسه، بل ألبسه من جنس ما يلبس ولو كان هذا الأمر معتادا لما سأله المعرور بن سويد عن سبب ارتداء خادمه نفس الحلة.

ب- استمرار معاملته للخادم على نفس النهج منذ أن كلمه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن سأله التابعي المعرور بن سويد، وهذا يدل على همة عالية، وتمسكهم بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ليس في

<<  <  ج: ص:  >  >>