للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَتَعْلَمُ غَدًا إِذَا الْتَقَيْنَا كَيْفَ نَصْنَعُ، وَذَلِكَ أَرَادَ أَبُو سُفْيَانَ، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ [١] قَامَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فِي النِّسْوَةِ اللاتِي مَعَهَا، وَأَخَذْنَ الدُّفُوفَ يَضْرِبْنَ بِهَا خَلْفَ الرِّجَالِ وَيُحَرِّضْنَهُمْ، فَقَالَتْ هِنْدٌ فِيمَا تَقُولُ:

وَيْهَا بَنِي عَبْدِ الدار ... ويها حماة الأدبار

ضَرْبا بِكُلِّ بتارِ

وَتَقُولُ:

إِنْ تُقْبِلُوا نُعَانِقْ ... وَنَفْرشُ النَّمَارِقْ

أَوْ تُدْبِرُوا نُفَارِقْ ... فِرَاقَ غَيْرِ وامق [٢]

فاقتتل الناس حتى حميت الحرب، وقاتل أَبُو دُجَانَةَ حَتَّى أَمْعَنَ فِي النَّاسِ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ [٣] أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ قَالَ: وَجَدْتُ فِي نَفْسِي حِينَ سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السيف فمنعنيه وأعطاه أبا دجانة، فقلت: [أنا ابن صفية عمته، ومن قريش، وقد قمت إليه [٤] فسألته إياه قبله، فأعطاه إياه وتركني وَاللَّهِ....] لأَنْظُرَنَّ مَا يَصْنَعُ، فَاتَّبَعْتُهُ، فَأَخَذَ [٥] عُصَابَة لَهُ حَمْرَاءَ، فَعَصَبَ بِهَا رَأْسَهُ، وَقَالَتِ الأَنْصَارُ:

أَخْرِجْ أَبُو دُجَانَةَ عِصَابَةَ الْمَوْتِ، وَهَكَذَا كَانَ يقول إذا غصب بها [٦] ، فخرج وهو يقول:

أن الَّذِي عَاهَدَنِي خَلِيلِي ... وَنَحْنُ بِالسَّفْحِ لَدَى النَّخِيلِ

أن لا أقوم الدهر في الكبول [٧] ... أَضْرِبُ بِسَيْفِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ

فَجَعَلَ لا يَلْقَى أحدا إلا قتله. وكان من الْمُشْرِكِينَ رَجُلٌ لا يَدَعَ لَنَا جَرِيحًا إِلَّا دَفَّفَ [٨] عَلَيْهِ، فَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدْنُو مِنْ صَاحِبِهِ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا


[ (١) ] وعند ابن هشام: فلما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض.
[ (٢) ] أي فراقا غير محب.
[ (٣) ] وعند ابن هشام: غير واحد من أهل العلم.
[ (٤) ] زيدت على الأصل من سيرة ابن هشام.
[ (٥) ] وعند ابن هشام: فأخرج.
[ (٦) ] وعند ابن هشام: وهكذا كانت نقول إذا تعصب بها.
[ (٧) ] أي آخر الصفوف.
[ (٨) ] أي أجهز عليه وقتله.

<<  <  ج: ص:  >  >>