للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ عُثْمَانُ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ وَعُظَمَاءَ قُرَيْشٍ، فَبَلَّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَرْسَلَهُ بِهِ. فَقَالَ [١] لِعُثْمَانَ حِينَ فَرَغَ مِنْ رِسَالَةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَطُفْ، قَالَ: مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ حَتَّى يَطُوفَ بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاحْتَبَسَتْهُ قُرَيْشٌ عِنْدَهَا، فَبَلَغَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ أَنَّ عثمان قد قتل.

قال ابن إسحق: فحَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ: لا نَبْرَحُ حَتَّى نُنَاجِزَ الْقَوْمَ»

وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَكَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ: بَايَعَهُمْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَوْتِ، وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْد اللَّهِ يَقُولُ: إِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُبَايِعْنَا عَلَى الْمَوْتِ، وَلَكِنْ بَايَعَنَا عَلَى أَنْ لا نَفِرَّ، فَبَايَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَضَرَهُ [٢] ، إِلَّا الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ، أَحَدُ بَنِي سَلَمَةَ [٣] ، فَكَانَ جَابِرٌ يَقُولُ وَاللَّهِ: لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ لاصِقًا بِإِبِطِ نَاقَتِهِ قَدْ ضَبَأَ إِلَيْهَا [٤] يَسْتَتِرُ بِهَا مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ أَتَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الَّذِي ذُكِرَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ بَاطِلٌ.

قَالَ ابْن هِشَامٍ: فَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ أَبُو سنان الأسدي.

قال ابن إسحق: قَالَ الزُّهْرِيُّ: ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، أَخَا بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: ائْتِ مُحَمَّدا وَصَالِحْهُ، وَلا يَكُنْ فِي صُلْحِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنَّا عَامَهُ هَذَا، فَوَاللَّهِ لا تَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّهُ دَخَلَهَا عَلَيْنَا عَنْوَةً أَبَدًا [٥] ، فَأَتَاهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَلَمَّا رَآهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلا قَالَ: «قَدْ أَرَادَ الْقَوْمُ الصُّلْحَ حِينَ بَعَثُوا هَذَا الرَّجُلَ» فَلَمَّا انْتَهَى سُهَيْلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ فَأَطَالَ الْكَلامَ وَتَرَاجَعَا، ثُمَّ جَرَى بَيْنَهُمَا الصُّلْحُ، فَلَمَّا الْتَأَمَ الأَمْرُ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْكِتَابُ، وَثَبَ عُمَرُ بْن الْخَطَّابِ، فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ رَسُولُ اللَّه؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَوَلَسْنَا بِالْمُسْلِمِينَ؟

قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَوَ لَيْسُوا بِالْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فعلام نعطي الدنية في


[ (١) ] وعند ابن هشام: فقالوا.
[ (٢) ] وعند ابن هشام: حضرها.
[ (٣) ] وعند ابن هشام: أخو بني سلمة.
[ (٤) ] أي استتر بها من الناس.
[ (٥) ] وعن ابن هشام: فوالله لا تحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>