ثم ارتقى للسماء على براق العلا ... وجاز منها إلى السدرة بالكرم
واستقبلته جموع من ملائكة ... ولم يزغ بصرا من هول مزدحم
توقف الملك جبريل فيها وقد ... أعلاه ربه بالرفرف من كرم
جاذبة القدس من رب لحضرته ... وليس ذاك مقام الشرح بالكلم
فاز مقاما من الله على الشرف ... بدون واسطة الملك فافتهم
حياه ناجاه بالشخص على أدب ... أجابه ربه بالفضل والكرم
وبعد ما قد جرى من فيض رحمته ... فرض طاعته عليه مع أمم
فرائض خمسة في اليوم والليلة ... هي المناجاة مع ربه للنعم
معراج عبد اليه بالضمير على ... ما ناسب العبد حسب الفضل والكرم
وبعد إتمام ما شاء الاله له ... أعاده لمكان الانس بالحرم
من ذاك يبدو لنا كن فيكون كما ... قد شاءه الله دون العجز والسئم
وكان في ذاك أسرار مغيبة ... قد ضبطوا بعضها بقمة القلم
فأخبر الناس بالاسراء مرحمة ... كذا بمعراجه كالنور بالعلم
فآمن المؤمنون حسب معجزته ... وفار صديقه بقمة الرّقم
وجاء في ظهرها جبريل حيث أتى ... صار إماما له والناس كالخدم
من ذاك تسلية لقلبه وعزاء ... على وفاتين للعم وللحرم
من ذاك نظرته لبيت مقدسنا ... وكل ما يجري من إيذاء ذي النّقم
ومنه تشريفه أهل السماء بما ... حباه ربه في الاحسان والكرم
تايد علمه بالتأثير دون خفا ... لكل شيء أراد الله من نعم
والمرء لما رأى قدرة رب الورى ... آمن بالكل مما شاء من كرم
من ذاك كشف لما كان له خافيا ... من ملكوت العلا واللوح والقلم
وسدرة المنتهى، وعلو عرش العلا ... ودرك ما في الملا للخصم والحكم
وغيرها من أمور قل مدركها ... إلا لمن شاءه بالفضل فافتهم