للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله تعالى عنه: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لبس جبّة روميّة ضيّقة الكمّين.

صحابيّ مشهور، وكان من خدم المصطفى صلّى الله عليه وسلم، وأسلم عام الخندق، وأخرج له الستّة، وروي له عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مائة وستّة وثلاثون حديثا، اتفق البخاريّ ومسلم منها على تسعة، وانفرد البخاري بحديث، وانفرد مسلم بحديثين. قيل:

إنه أحصن ألف امرأة في الإسلام، وولاه عمر بن الخطاب البصرة مدّة، ثم نقله عنها فولّاه الكوفة، فلم يزل عليها حتى قتل عمر، فأقرّه عليها عثمان ثم عزله، وشهد اليمامة وفتح الشّام، وذهبت عينه يوم اليرموك، وشهد القادسيّة، وشهد فتح نهاوند، واعتزل الفتنة، وشهد الحكمين، ثم استعمله معاوية على الكوفة، فلم يزل عليها حتى توفّي بها سنة خمسين، قالوا: هو أوّل من وضع ديوان البصرة، وهو أحد دهاة العرب (رضي الله تعالى عنه) . وهم أربعة كما قيل:

من العرب العرباء قد عدّ أربع ... دهاة فما يؤتى لهم بشبيه

معاوية عمرو بن عاص مغيرة ... زياد هو المعروف بابن أبيه

(أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم لبس) ؛ أي: في السّفر، قالوا: وكان ذلك في غزوة تبوك.

(جبّة) - بضمّ الجيم وتشديد الموحدة- (روميّة) ؛ نسبة للروم.

قال الحافظ ابن حجر: وفي أكثر روايات «الصحيحين» وغيرهما جبّة شاميّة؛ نسبة للشّام!! ولا تناقض؛ لأن الشّام كانت يومئذ مساكن الرّوم، وإنّما نسبت إلى الرّوم أو إلى الشّام لكونها من عمل الرّوم الّذين كانوا في الشّام يومئذ، وهذا يدلّ على أنّ الأصل في الثّياب الطّهارة؛ وإن كانت من نسيج الكفّار، لأنّه صلّى الله عليه وسلم لم يمتنع من لبسها مع علمه بمن جلبت من عندهم؛ استصحابا للأصل.

(ضيّقة الكمّين) بيان لقوله «روميّة» ؛ أي: بحيث إذا أراد إخراج ذراعيه لغسلهما تعسّر، فيعدل إلى إخراجهما من ذيلها، ويؤخذ منه- كما قاله العلماء-:

أنّ ضيق الكمّين مستحب في السّفر؛ لا في الحضر، وإلّا! فكانت أكمام الصّحب بطاحا؛ أي: واسعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>