للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقين من شوال، سنة عشر من النبوة. لما ناله من قريش بعد موت أبى طالب. وكان معه زيد بن حارثة.

فأقام به شهرا، يدعو ثقيف إلى الله تعالى فلم يجيبوه وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه.

قال موسى بن عقبة: ورجموا عراقيبه «١» بالحجارة حتى اختضبت نعلاه بالدماء، زاد غيره: وكان إذا أزلفته الحجارة قعد إلى الأرض، فيأخذون بعضديه فيقيمونه، فإذا مشى رجموه وهم يضحكون، وزيد بن حارثة يقيه بنفسه، حتى لقد شج فى رأسه شجاجا.

وفى البخارى ومسلم من حديث عائشة أنها قالت للنبى- صلى الله عليه وسلم-، هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد، قال: «لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسى على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبنى إلى ما أردت، فانطلقت- وأنا مهموم على وجهى، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسى، فإذا أنا بسحابة قد أظلتنى، فنظرت فإذا فيها جبريل- عليه السّلام-، فنادانى» . فقال: إن الله قد سمع قول قومك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت، فنادانى ملك الجبال، فسلم علىّ ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثنى ربك إليك لتأمرنى بأمرك، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين «٢» قال- صلى الله عليه وسلم-: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا» «٣» .

وعبد ياليل- بالتحتانية وبعدها ألف ثم لام مكسورة ثم تحتانية ساكنة ثم


(١) العرقوب: ما فويق العقب من قدم الإنسان.
(٢) الأخشبان: الجبلان المحيطان بمكة، وهما أبو قبيس والأحمر، وهو جبل شرف وجهه على قعيقعان، والأخشب: كل جبل خشن غليظ الحجارة.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٣٢٣١) فى بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة، ومسلم (١٧٩٥) فى الجهاد والسير، باب: ما لقى النبى- صلى الله عليه وسلم- من أذى المشركين والمنافقين.