للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكلنى إلى عدو بعيد يتجهمنى أم إلى صديق قريب ملكته أمرى، إن لم تكن غضبان على فلا أبالى، غير أن عافيتك أوسع لى، أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بى غضبك، أو يحل بى سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك» «١» .

أورده ابن إسحاق، ورواه الطبرانى فى كتاب الدعاء عن عبد الله بن جعفر قال: لما توفى أبو طالب، خرج النبى- صلى الله عليه وسلم- ماشيا إلى الطائف، فدعاهم إلى الإسلام فلم يجيبوه، فأتى ظل شجرة فصلى ركعتين ثم قال:

اللهم إليك أشكو. فذكره.

وقوله: يتجهمنى- بتقديم الجيم على الهاء- أى يلقانى بالغلظة والوجه الكريه.

ثم دخل- صلى الله عليه وسلم- مكة فى جوار المطعم بن عدى.

ولما كان فى شهر ربيع الأول أسرى بروحه وجسده يقظة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به من المسجد الأقصى إلى فوق سبع سماوات، ورأى ربه بعينى رأسه «٢» ، وأوحى الله إليه ما أوحى، وفرض عليه الصلوات الخمس، ثم انصرف فى ليلته إلى مكة.

فأخبر بذلك، فصدقه الصديق، وكل من آمن بالله.

وكذبه الكفار واستوصفوه مسجد بيت المقدس، فمثله الله له، فجعل ينظر إليه ويصفه «٣» .


(١) أخرجه الطبرانى فى «الكبير» ، وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس ثقة، وبقية رجاله ثقات، كما فى «المجمع» (٦/ ٣٥) .
(٢) قلت: جمهور السلف، على أن رؤية الله عز وجل مستحيلة فى الحياة الدنيا، لقوله عز وجل لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ الآية، ولحديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الذى رواه مسلم (٢٩١) عن أبى ذر: قلت هل رأيت ربك يا رسول الله؟ قال: نور أنى أراه؟ وهو تصريح عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ينفى إمكانية الرؤية فى الحياة الدنيا، ولكن إشكال هذا الأمر هو ما ورد عن ابن عباس أنه- صلى الله عليه وسلم- رأى ربه، فالراجح من قوله أنه لعله يقصد رؤية القلب، لا رؤية العين، وهذا جائز عندنا.
(٣) انظر «السيرة» لابن هشام (٢/ ٣٦) .