للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جأر الجذع كجؤر الثور، حتى ارتج المسجد لجؤاره حزنا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فنزل إليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن المنبر فالتزمه وهو يجأر، فلما التزمه سكت. ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «والذى نفس محمد بيده، لو لم ألتزمه لما زال هكذا حتى تقوم الساعة حزنا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فأمر به- صلى الله عليه وسلم- فدفن» «١» ورواه الترمذى وقال: صحيح غريب.

وكذا رواه ابن ماجه والإمام أحمد من طريق الحسن عن أنس ولفظه:

كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا خطب يوم الجمعة يسند ظهره إلى خشبة، فلما كثر الناس قال: «ابنوا لى منبرا» أراد أن يسمعهم، فبنوا له عتبتين، فتحول من الخشبة إلى المنبر، قال: فأخبر أنس بن مالك أنه سمع الخشبة تحن حنين الواله، قال: فما زالت تحن حتى نزل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن المنبر فمشى إليها فاحتضنها فسكتت.

ورواه أبو القاسم البغوى وزاد فيه: فكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم قال: يا عباد الله الخشبة تحن إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شوقا إليه لمكانه من الله، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه.

ولله در القائل:

وألقى حتى فى الجمادات حبه ... فكانت لإهداء السلام له تهدى

وفارق جذعا كان يخطب عنده ... فأنّ أنين الأم إذ تجد الفقدا

يحن إليه الجذع يا قوم هكذا ... أما نحن أولى أن نحنّ له وجدا

إذا كان جذع لم يطق بعد ساعة ... فليس وفاء أن نطيق له بعدا

وأما حديث سهل بن سعد، ففى الصحيحين من طرق. وأما حديث


(١) صحيح: أخرجه الترمذى (٣٦٢٧) فى المناقب، باب: فى آيات إثبات نبوة النبى- صلى الله عليه وسلم-، وابن ماجه (١٤١٥) فى إقامة الصلاة، باب: ما جاء فى بدء شأن المنبر، وأحمد فى «المسند» (١/ ٢٦٦ و ٣٦٣) ، وأبو يعلى فى «مسنده» (٣٣٨٤) ، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .