الثالث، وعد ستة عشر جزءا، وائتني بالجزء السابع عشر، فذهب فجاء بالدفتر فدفعه إليه، فأخذه أبو زرعة فتصفح الأوراق وأخرج الحديث ودفعه إلى محمّد بن مسلم، فقرأه محمّد بن مسلم فقال: نعم غلطنا فكان ماذا؟! وقال عبد الرّحمن: سمعت أبا زرعة يقول: سمعت من بعض المشايخ أحاديث فسألني رجل من أصحاب الحديث، فأعطيته كتابي، فرد عليّ الكتاب بعد ستة أشهر، فأنظر في الكتاب فإذا أنه قد غير في سبعة مواضع، قال: أبو زرعة فأخذت الكتاب وصرت إلى عنده فقلت له، ألا تتقى الله تفعل مثل هذا؟ قال أبو زرعة: فأوقفته على موضع وأخبرته وقلت له: أما هذا الذي غيرت فإن هذا الذي جعلت ابن أبي فديك فانه عن أبي ضمرة مشهور، وليس هذا من حديث ابن أبي فديك، وأما هذا فإنه كذا وكذا، فانه لا يجيء عن فلان، وإنما هو كذا، وأما كذا وكذا فلم أزل أخبره حتى أوقفته على كله، ثم قال: أما إني قد حفظت جميع ما فيه في الوقت الذي انتخبت على الشيخ، ولو لم أحفظه لكان لا يخفي عليّ مثل هذا، فاتق الله يا رجل. فقلت له: من ذلك الرجل الذي فعل هذا؟ فأبى أن يسميه.
أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا عبد الله بن عديّ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدّثني الحضرمي قال: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة. وقيل له: من أحفظ من رأيت؟ قال: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي زرعة الرّازيّ.
كتب إلى أبو حاتم أحمد بن الحسن بن محمّد بن خاموش الواعظ- من الري بخطه- قال: سمعت أحمد بن الحسن بن محمّد العطّار يذكر عن محمّد بن أحمد ابن جعفر الصّيرفيّ، حدّثنا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سليمان التستري قال:
سمعت أبا زرعة يقول: إن في بيتي ما كتبته منذ خمسين سنة، ولم أطالعه منذ كتبته، وإني أعلم في أي كتاب هو، في أي ورقة هو، في أي صفحة هو، في أي سطر هو.
قال: وسمعت أبا زرعة يقول: ما سمعت أذني شيئا من العلم إلا وعاه قلبي، وإني كنت أمشي في سوق بغداد فأسمع من الغرف صوت المغنيات فأضع إصبعي في أذني مخافة أن يعيه قلبي.
أخبرني أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبد الواحد المروروذي، حدّثنا محمّد بن عبد الله بن محمّد الحافظ- بنيسابور- قال: سمعت أبا حامد أحمد بن محمّد المقرئ الفقيه الواعظ يقول: سمعت أبا العبّاس محمّد بن إسحاق الثّقفيّ يقول: لما انصرف