يقول الإمام مسلم -رحمه الله تعالى-: "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم جميعاً عن حاتمٍ قال أبو بكر: ٍ حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني" الحديث يرويه الإمام مسلم من طريق اثنين من شيوخه، وجرت عادته -رحمه الله تعالى- إذا روى الحديث عن اثنين أنه ينص على صاحب اللفظ، يبين صاحب اللفظ، كما أنه يعنى عنايةً فائقة ببيان فروق صيغ الأداء بين الرواة، وهنا يقول:"جميعاً عن حاتم" فهل صيغة الأداء هنا العنعنة؟ هل يقصد الإمام مسلم بقوله: عن حاتم، أن كلاً من أبي بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم جميعاً قالا: عن حاتم، يعني يرويان الحديث بصيغة العنعنة؟ لا، بدليل أنه قال: قال أبو بكرٍ: حدثنا، وماذا عن إسحاق؟ المعروف عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، المعروف بابن راهويه أنه لا يقول في الأداء إلا أخبرنا، فهنا (عن) ليس المراد بها بيان طريقة التحمل التي يعبر عنها بصيغة الأداء هنا، نعم، صرّح بالنسبة لأبي بكر بقوله: حدثنا، فعرفنا أن أبا بكرٍ تحمّله عن حاتم بن إسماعيل بطريق السماع، وأما إسحاق بن إبراهيم فلا يقول في صيغة الأداء إلا أخبرنا، ولذا يفسر المهمل إذا جاء إسحاق مهملاً في الأسانيد، إذا كانت الصيغة أخبرنا فهو إسحاق بن راهويه، إذا كانت الصيغة غير أخبرنا فهو غيره.
إذاً قوله:"جميعاً عن حاتم" هذا إخبار إجمالي عن الشيخين بأنهما تحملا الحديث عن حاتم بن إسماعيل من غير تفصيل للصيغة التي نطق بها كل منهما، وعلى هذا إذا قال أهل العلم في كتب الرجال، روى عن فلان وفلان وفلان، وروى عنه فلان وفلان وفلان، هل معنى هذا أنه لا يروي عنه إلا بصيغة العنعنة؟ لا، هو مجرد إثبات أن هذا الشيخ من شيوخه فلان وفلان وفلان، ومن تلاميذه فلان وفلان وفلان.