للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

"فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء" عناية شرعية بالنساء؛ لأن الضعف ملازم لهن، "اتقوا الله في النساء" فعلى المسلم أن يتقي الله -سبحانه وتعالى- ويمتثل هذه الوصية، ويعنى بمن تحت يده من الضعفة، من النساء والصبيان وغيره، فالشرع اعتنى بالبنات، وحث على العناية بهن، وكذلك أوصانا بالنساء، ((استوصوا بالنساء خيراً)) ((فاتقوا الله في النساء)) لأن المعاملة والمعاشرة تكون في البيوت غالباً ما يعز فيها البينات، فإذا ظلمت المرأة في بيتها من أين لها أن تأتي ببينة لترفع الظلم عنها؟ فخوطب ضمير الإنسان في مثل هذا، والمسألة مفترضة في مسلم يتمثل الأوامر ويجتنب النواهي، ((اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله)) إما بكلمة التوحيد التي تحرم المسلم على الكافر والعكس، أو بالعقد بالإيجاب والقبول أو بذلك كله، نعم عليك حقوق ولك حقوق، فأدّ الذي عليك، وعلى المرأة أن تؤدي ما عليها، ((ولكم عليهن أن لا يوطئن فروشكم أحد تكرهونه)) يعني لا تأذن لأحدٍ مطلقاً أنت تكرهه ولو كان من المحارم، ((فإن فعلن ذلك -يعني خالفن- فاضربوهن ضرباً غير مبرح)) تؤدب المرأة كما يؤدب الولد، والمعلم يعلم المتعلم، لكن كل هذا حسب التوجيه الشرعي غير مبرح، لا يكسر عظم، ولا يجرح ولا يخدش، يفعل ما يتم به المقصود من غير زيادة؛ لأن الزيادة على ما أذن به شرعاً حرام، فالذي يؤدي الغرض هو المطلوب، ((ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف)) فالكسوة والنفقة والسكنى واجبة على الزوج لزوجته، للزوجة على زوجها، كل هذا واجب للنساء على أزواجهن، من تنازل عن شيءٍ من ذلك من النساء كما لو تنازلت عن شيءٍ من مهرها فكلوه عن طيب نفس، كل هذا عن طيب نفس من غير إكراه، {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا} [(٤) سورة النساء] إذا تنازلت عن شيءٍ من حقوقها بطوعها واختيارها فالأمر لا يعدوها.

<<  <  ج: ص:  >  >>