للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: العرب كلهم قوم الرسول صلّى الله عليه وسلّم لأنه منهم، فالهمزة وإن لم ترد فى لغة قريش، لكنهم التزموا تخفيفها، والعرب جوزوا فيها الوجهين جميعا، ومن أراد الاطلاع على أسرارها فى التفاصيل فعليه بالكتب التفسيرية، فإنه يجد فيها ما يكفى ويشفى، والحمد لله رب العالمين.

[الجهة الحادية عشرة من الطعن على القرآن بالإضافة إلى ما يكون متكررا فيه]

اعلم أن التكرير وارد فيه على وجهين، أحدهما أن يكون من جهة اللفظ كالذى أورده فى سورة الرحمن من قوله تعالى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٣)

[الرحمن: ١٣] وكما ورد فى سورة القمر من قوله تعالى: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦)

[القمر: ١٦] وكما ورد فى سورة المرسلات من قوله تعالى وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)

[المرسلات: ١٥] وكما ورد فى سورة النساء من قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ

[النساء: ١١٦] فهذا تكرير من جهة اللفظ، وثانيهما أن يكون التكرير من جهة المعنى، وهذا نحو قصة موسى، وفرعون، فإنها واردة فى سور كثيرة، وكما ورد فى قصة آدم وإبليس فإنها وردت فى مواضع من القرآن، فقالوا إن هذا التكرير لغير فائدة لا يليق بما كان بالغا فى الفصاحة كل غاية فلو كان القرآن على ما قلتموه من ذلك لم يكن فيه تكرير.

والجواب من أوجه ثلاثة: أما أولا فلأن الله تعالى إنما كرر هذه القصص على جهة الشرح لفؤاد الرسول صلّى الله عليه وسلّم والتسلية له عما كان يصيبه من تكذيب قريش، فلهذا كررت القصص، وأما ثانيا فإنه إنما كرر القصص لفوائد تحصل عند تكررها وما هذا حاله فليس تكرارا فى الحقيقة وأما ثالثا فلأن الله تعالى لما تحدى العرب بالإتيان بمثل القرآن ربما توهم متوهم أن الإتيان بمثله مستحيل من جهة الله تعالى، فلا جرم كرر القصص ليعلم أنه غير مستحيل من جهته، وإنما الاستحالة كانت متعلقة بالخلق دونه، فهذه الأمور كلها دالة على جواز التكرير بمثل هذه الأغراض الحسنة، ومن وجه آخر هو أن التكرير إنما ورد لتأكيد الزجر والوعيد كقوله تعالى: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ

[التكاثر: ٣- ٥] ثم إن التأكيد مستحسن فى لغة العرب، فلهذا وردت هذه التكريرات على جهة التأكيد، ولو كان ما أتى به مخالفا لأساليب العرب فى كلامهم، لكان ذلك من أعظم المطاعن لهم، فلما سكتوا عن ذلك، دل على بطلان ما زعموه من الطعن بالتكرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>