للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنبياء، مهديين نجباء؛ استودعهم وأقرهم في خير مستقر، تناسختهم أكارم الأصلاب، إلى مطهّرات الأمهات، كلما مضى منهم سلف انبعث لأمره منهم خلف، حتى انتهت نبوّة الله وأفضت كرامته إلى محمد صلّى الله عليه وسلم؛ فأخرجه من أفضل المعادن محتدا، وأكرم المغارس منبتا، وأمنعها ذروة، وأعزها أرومة، وأوصلها مكرمة من الشجرة التي صاغ منها أمناء، وانتخب منها أنبياء، شجرة طيبة العود، معتدلة العمود، باسقة الفروع، مخضرة الأصول والغصون، يانعة الثمار، كريمة المجتنى، في كرم نبتت، وفيه بسقت وأثمرت، وعزت فامتنعت، حتى أكرمه الله بالروح الأمين، والنور المبين، فختم به النبيين، وأتم به عدة المرسلين، [وجعله] خليفته على عباده، وأمينه في بلاده؛ زينه بالتقوى وآثار الذكرى؛ وهو إمام من اتقى، ونصر من اهتدى، سراج لمع ضوءه، وزند برق لمعه، وشهاب سطع نوره؛ فاستضاءت به العباد، واستنارت به البلاد؛ وطوى به الأحساب فأزجى به السحاب، وسخر له البراق حتى صافحته الملائكة، وأذعنت له الألسنة، وهدم به أصنام الآلهة، سيرته القصد، وسنته الرشد؛ وكلامه فصل، وحكمه عدل؛ فصدع صلّى الله عليه وسلم بما أمره به، حتى أفصح بالتوحيد دعوته؛ وأظهر في خلقه لا إله إلا الله، حتى أذعن له [الخلق] بالربوبية، وأقرّ له بالعبودية والواحدانية؛ اللهم فخصّ محمدا بالذكر المحمود. والحوض المورود. اللهم آت محمدا الوسيلة والرفعة والفضيلة، واجعل في المصطفين محلته، وفي الأعلين درجته، وشرّف بنيانه وعظّم برهانه، واسقنا بكأسه، وأوردنا حوضه، واحشرنا في زمرته، غير حزايا ولا ناكثين ولا شاكين ولا مرتابين ولا ضالين ولا مفتونين ولا مبدلين ولا حائدين ولا مضلين؛ اللهم أعط محمدا من كل كرامة أفضلها، ومن كل نعيم أكمله، ومن كل عطاء أجزله، ومن كل قسم أتمه؛ حتى لا يكون أحد من خلقك أقرب منك مكانا، ولا أحظى عندك منزلة ولا أقرب إليك وسيلة، ولا أعظم عليك حقا- ولا شفاعة، من محمد؛ واجمع بيننا وبينه في ظل العيش، وبرد الرّوح «١» ، وقرة الأعين، ونضرة السرور، وبهجة النعيم؛ فإنا نشهد أنه قد بلغ