للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قبل هذه الآيات، كان التحريم مختصاً بطلاق المؤلي، ولا قائل به، فتعين أن يكون الضمير عائداً إلى المطلق المفهوم من قوله: {الطلاق مرتان}، وهو في نظم الكلام متعين له شرعاً، لا يجوز عوده إلى غيره شرعاً، وأن يكون تقدير الكلام: فإن طلقها مرة ثالثة، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.

وقد تبين أن معنى هذا الكلام وتقديره: أن الطلاق الرجعي مرتان، فإن طلقها بعدهما مرة ثالثة، فلا تحل له به بعدها حتى تنكح زوجاً غيره، فلم يشرع الله التحريم إلا بعد المرة الثالثة من الطلاق، والمرة الثالثة لا تكون إلا بعد مرتين شرعاً ولغة، وعرفاً، وإجماعاً، إلا ما وقع في هذه المسألة بقضاء الله وقدره».

ثم قال: «فصل: ومما يبين ويوضح بطلان تركيبهم شرعاً ولغة في الطلاق الثلاث وفي غيره أن لفظ التعدد فيه منصوب نصب المصدر، فإن تقدير الكلام: طلقتك طلاقاً، ومعنى المصدر في الكلام، طلقتك تطليقات ثلاثاً، ومعنى المصدر في الكلام إنما هو حكاية حال الفعل في صدوره عن الفاعل، والفعل له حالتان في صدوره عن الفاعل: حالة يكون فيها خبراً عما صدر وقوعه من الفاعل في الماضي، وحالة يكون فيها أداة لما يستعمل فيه من إنشاء العقود والفسوخ استعارة أو اشتراكاً، فإذا أريد به الحكاية والخبر عن الماضي، فإن أريد به إخبار عن حقيقة الفعل ونفي المجاز عنه، أتبع بالمصدر مطلقاً، وأما إذا استعمل الماضي في إنشاء عقد أو فسخ عقد، سواء قيل: إنه على وجه الاستعارة أو الاشتراك، فإن أريد العقد أو الفسخ، أتبع المصدر مطلقاً؛ مثل: طلقتها تطليقاً، وأما إن أريد تعدد العقد أو الفسخ بلفظ واحد في مرة واحدة بمنزلة تعدده بالتكرار مرة

<<  <   >  >>