للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقدم هنا النفع على الضرّ لأنه تقدم من يهد الله فهو المهتدي ومن يضللقُل لاّ أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِىَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} فقدّم الهداية على الضلال وبعده لاستكثرت من الخير وما مسّني السوء فناسب تقديم النفع وقدم الضرّ في يونس على الأصل لأن العبادة لله تكون خوفاً من عقابه أولاً ثم طمعاً في ثوابه ولذلك قال {يدعون ربهم خوفاً وطمعاً} فإذا تقدم النفع فلسابقة لفظ تضمنه وأيضاً ففي يونس موافقة ما قبلها ففيها {ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ما لا ينفعنا ولا يضرّنا} لأنه موصول بقوله {ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع} وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منهاوفي يونس {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك} وتقدمه {ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقاً علينا ننجي المؤمنين} وفي الُبياء قال: {أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم ولا يضركم} وتقدمه قول الكفار لإبراهيم في المحاجة {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} وفي الفرقان {ويعبدون من دون الله ما لا ينقعهم ولا يضرهم} وتقدمه {ألم ترى إلى ربك كيف مدّ الظل ونعم كثيرة} وهذا النوع من لطائف القرآن العظيم وساطع براهينه والاستثناء متصل أي إلا ما شاء الله من تمكيني منه فإني أملكه وذلك بمشيئة الله، وقال ابن عطية: وهذا الاستثناء منقطع انتهى، ولا حاجة لدعوى الانقطاع مع إمكان الاتصال.

<<  <  ج: ص:  >  >>