للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُؤْمِنِينَ وَنَحْنُ نَصْبُغُ ثِيَابًا لَهَا بِمَغْرَةٍ إِذْ طَلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَأَى الْمَغْرَةَ رَجَعَ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ زَيْنَبُ غَسَلَتْ ثِيَابَهَا وَوَارَتْ كُلَّ حُمْرَةٍ، فَجَاءَ فَدَخَلَ. وَفِي سَنَدِهِ رَاوٍ ضَعِيفٍ. الثَّالِثُ: يُكْرَهُ لُبْسُ الثَّوْبِ الْمُشَبَّعِ بِالْحُمْرَةِ دُونَ مَا كَانَ صَبْغُهُ خَفِيفًا، وَكَانَ الْحُجَّةَ فِيهِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ. الرَّابِعُ: يُكْرَهُ لُبْسُ الْأَحْمَرِ مُطْلَقًا لِقَصْدِ الزِّينَةِ وَالشُّهْرَةِ، وَيَجُوزُ فِي الْبُيُوتِ وَوَقْتِ الْمِهْنَةِ. الْخَامِسُ: لَا يَجُوزُ لُبْسُ مَا كَانَ صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ وَجَنَحَ إِلَى ذَلِكَ الْخَطَّابِيُّ، وَاحْتُجَّ بِأَنَّ الْحُلَلَ الْوَاقِعَةَ فِي الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي لُبْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ لِإِحْدَى حُلَلِهِنَّ، وَكَذَا الْبُرْدُ الْأَحْمَرُ وَالْبُرُودُ الْحُمْرُ يُصْبَغُ غَزْلُهَا ثُمَّ يُنْسَجُ. السَّادِسُ: اخْتِصَاصُ النَّهْيِ بِمَا يُصْبَغُ بِالْعُصْفُرِ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ، وَلَا يُمْنَعُ مَا صُبِغَ بِغَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الصَّبْغِ، وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْمَغْرَةِ الْمُتَقَدِّمُ. السَّابِعُ: تَخْصِيصُ الْمَنْعِ بِالَّذِي يُصْبُغُ كُلُّهُ، وَأَمَّا مَا فِيهِ لَوْنٌ آخَرُ غَيْرُ الْأَحْمَرِ مِنْ بَيَاضٍ وَسَوَادٍ وَغَيْرِهِمَا فَلَا، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْحُلَّةِ الْحَمْرَاءِ، فَإِنَّ الْحُلَلَ غَالِبًا تَكُونُ ذَوَاتَ خُطُوطٍ حُمْرٍ وَغَيْرِهَا، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَلْبَسُ ثَوْبًا مُصَبَّغًا بِالْحُمْرَةِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ يَتَّبِعُ السُّنَّةَ، وَهُوَ غَلَطٌ ; فَإِنَّ الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ لَا يُصْبَغُ أَحْمَرَ صِرْفًا، وَقَالَ الطَّبَرِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ غَالِبَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ: الَّذِي أُرَاهُ جَوَازُ لُبْسِ الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَةِ بِكُلِّ لَوْنٍ إِلَّا أَنِّي لَا أُحِبُّ لُبْسَ مَا كَانَ مُصَبَّغًا بِالْحُمْرَةِ وَلَا لُبْسَ الْأَحْمَرِ مُطْلَقًا، ظَاهِرًا فَوْقَ الثِّيَابِ ; لِكَوْنِ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ زِيِّ أَهْلِ الْمُرُوءَةِ فِي زَمَانِنَا، فَإِنَّ مُرَاعَاةَ ذَوِي الزَّمَانِ مِنَ الْمُرُوءَةِ مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا. وَفِي مُخَالَفَةِ الزِّيِّ ضَرْبٌ مِنَ الشُّهْرَةِ، قُلْتُ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِلسُّنَّةِ فَلَا عِبْرَةَ بِالْمُرُوءَةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْبِدْعَةِ. قَالَ مِيرَكُ: وَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُلَخَّصَ مِنْهُ قَوْلٌ ثَامِنٌ. وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ لُبْسِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ

إِنْ كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مِنْ لِبَاسِ الْكُفَّارِ، فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ، وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِيهَا إِنْ كَانَتْ مِنْ حَرِيرٍ غَيْرُ حَمْرَاءَ فَاسْتِعْمَالُهَا مَمْنُوعٌ لِأَجْلِ أَنَّهَا مِنَ الْحَرِيرِ وَاسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ لِلرَّجُلِ حَرَامٌ لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَتْ مَعَ ذَلِكَ حَمْرَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ حَرِيرٍ فَالنَّهْيُ فِيهَا لِلزَّجْرِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ، وَإِنْ كَانَ النَّهْيُ عَنْ لُبْسِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ زِيُّ النِّسَاءِ فَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الزَّجْرِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَكُونُ النَّهْيُ عَنْهُ لَا لِذَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَجْلِ الشُّهْرَةِ أَوْ خَرْمِ الْمُرُوءَةِ فَيَمْتَنِعُ حَيْثُ يَقَعُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا فَيَقْوَى قَوْلُ مَنْ قَالَ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ لُبْسِهِ فِي الْمَحَافِلِ وَفِي الْبُيُوتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أَبَاحَ الْمُعَصْفَرَ جَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ تَنْزِيهًا، وَحَمَلَ النَّهْيَ عَلَيْهِ، لَكِنْ أَشَارَ الْبَيْهَقِيُّ إِلَى أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ حُرْمَتُهُ كَالْمُزَعْفَرِ وَصَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِحَرْقِ الْمُعَصْفَرِ، وَأَمَّا مَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصْبُغُ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ ثِيَابَهُ حَتَّى عِمَامَتِهِ، فَيُعَارِضُهُ مَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُزَعْفَرِ، وَأَمَّا مَا رَوَى الدِّمْيَاطِيُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُ بُرْدَهُ الْأَحْمَرَ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ، فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمُخَطَّطِ بِخُطُوطٍ حُمْرٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْبُرْدُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، أَنْبَأَنَا) : وَفِي نُسْخَةٍ «أَخْبَرَنَا» . (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ) : بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ. (أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادٍ) : بِكَسْرِ هَمْزَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ زِيَادَةُ. (وَهُوَ ابْنُ لَقِيطٍ) : بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ. (عَنْ أَبِيهِ) : أَيْ إِيَادٍ. (عَنْ أَبِي رِمْثَةَ) : بِكَسْرِ الرَّاءِ فَسُكُونِ الْمِيمِ وَمُثَلَّثَةٍ. (قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ) : قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْبُرْدُ نَوْعٌ مِنَ الثِّيَابِ مُخَطَّطٌ مَعْرُوفٌ. (أَخْضَرَانِ) : أَيْ فِيهِمَا خُطُوطٌ خُضْرٌ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ ذَلِكَ إِخْرَاجٌ لِلَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ فَجَوَابُهُ أَنَّ دَلِيلَهُ قَوْلُ صَاحِبِ النِّهَايَةِ فِي مَعْنَى الْبُرْدِ، فَتَأَمَّلْ وَتَدَبَّرْ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الثِّيَابُ الْخُضْرُ مِنْ لِبَاسِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَكَفَى بِذَلِكَ شَرَفًا. قُلْتُ: صَارَتْ ثِيَابَ الشُّرَفَاءِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَفْضِيلُهَا عَلَى الْبِيضِ لِمَا يَأْتِي، قَالَ مِيرَكُ: وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا. وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي جَامِعِهِ: هَذَا الْحَدِيثُ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِيَادٍ. قُلْتُ: وَفِي الْمِشْكَاةِ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ مُضْطَبِعًا بِبُرْدٍ أَخْضَرَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ.

(حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ) : بِالتَّصْغِيرِ. (قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَخْبَرَنَا) : وَفِي نُسْخَةٍ «أَنْبَأَنَا» . (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانٍ) : بِتَشْدِيدِ السِّينِ مُنْصَرِفًا وَغَيْرِ مُنْصَرِفٍ. (الْعَنْبَرِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>