للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فِيكُمُ النَّبِيذَ أَحَلَّ مِنْهُ الرِّيَّ وحرم السكر.

وقالوا لَمْ يُحَرِّمِ اللَّهُ شَيْئًا إِلَّا وَقَدْ جَعَلَ مِنْهُ عِوَضًا فِي مِثْلِ مَعْنَاهُ فَلَوْ كَانَ النَّبِيذُ خَمْرًا مَا كَانَ الْعِوَضَ مِنَ الخمر إنما خَلَقَ اللَّهُ الْأَقْوَاتِ وَالثَّمَرَاتِ قَدْرًا لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهَا فَلَوْ كَانَ النَّبِيذُ خَمْرًا مَا كَانَ يُصْنَعُ بِالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالدُّوشَابِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ تَرَكَ النَّاسُ اتِّخَاذَ الشَّرَابِ مِنْهُ لَبَارَ وَفَضَلَ أَكْثَرُهُ من مآكل الناس وحاجتهم.

وقالوا وَاللَّهُ لَا يُحَرِّمُ شيْئًا إِلَّا لِعَلَّةِ الِاسْتِعْبَادِ وَلَوْ كَانَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ لِلسُّكْرِ لَمْ يُطْلِقْهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ قَبْلَنَا فَقَدْ شَرَبَهَا نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ خرج من السفينة واعترس الْحَبَلَةَ حَتَّى سَكِرَ مِنْهَا وَبَدَتْ فَخْذُهُ وَشَرِبَهَا لُوطٌ وَشَرِبَهَا عِيسَى عليهما السَّلَامُ لَيْلَةَ رُفِعَ وَشَرِبَهَا الْمُسْلِمُونَ في صدر الإسلام.

وقالوا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ الْخَمْرَ مَا خُمِّرَ وَالْمُسْكِرُ مُخَمَّرُ فَهُوَ خَمْرٌ مِثْلُهُ فإنَّ الْأَشْيَاءَ قَدْ تَتَشَاكَلُ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي فَيُسَمَّى بَعْضُهَا بِعِلَّةٍ فِيهِ وَهِيَ فِي آخَرَ وَلَا يُطْلَقُ ذَلِكَ الِاسْمُ عَلَى الْآخَرِ أَلَا تَرَى أنَّ اللَّبَنَ يُخَمَّرُ بِرُوبَةٍ تُلْقَى فِيهِ وَيُتْرَكُ حَتَّى يَرُوبَ وَلَا يُسَمَّى اللَّبَنُ خمرا وان خمر العجسن يسمى خمرا وَلَا يُسَمَّى هُوَ وَلَا مَا خمر به من الْعَجِينُ خَمِيرًا وَأَنَّ نَقِيعَ التَّمْرِ سُكَارًا لِإِسْكَارِهِ وَلَا يُسَمَّى غَيْرُهُ سَكْرًا وَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ وَهَذَا أَكْثَرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ أن نحيط به.

وقالوا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لِلرَّجُلِ مَخْمُورٌ وَبِهِ خمار إذا أصباه الصداع والارعاش عقب

<<  <   >  >>