والخل إذ انْقَلَبَ عَنْ خَمْرٍ أنَّ عَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ غَيْرُ عَيْنِ الآخَرِ وهذا الْقَوْلِ مَا لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ عَلَى مَنْ تَدَبَّرَهُ وَأَنْصَفَ مِنْ نفسه وكيف يكون ههنا عَيْنَانِ وَالْجِسْمُ وَاحِدٌ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْوِعَاءِ وَلَمْ يُبَدَّلْ وَإِنَّمَا انْتَقَلَتْ أَعْرَاضُهُ تَارَةً مِنْ حَلَاوَةٍ إِلَى مَرَارَةٍ وَتَارَةً مِنْ مَرَارَةٍ إِلَى حُمُوضَةٍ وَلَمْ يَذْهَبِ الْعَرَضُ الأول جملة واحدة وَلَا أَتَى الْعَرَضُ الثَّانِي جُمْلَةً وَإِنَّمَا زَالَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ كَمَا يَنْتَقِلُ طَعْمُ الثَّمَرَةِ وَهِيَ غَضَّةٌ مِنَ الْحُمُوضَةِ إِلَى الْحَلَاوَةِ وَهِيَ يَانِعَةٌ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ وَكَمَا يَأْجِنُ الْمَاءُ بول الْمُكْثِ فَيَتَغَيَّرُ طَعْمُهُ وَرِيحُهُ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ وَكَمَا يَرُوبُ اللَّبَنُ بَعْدَ أَنْ كَانَ صَرِيفًا فَيَتَغَيَّرُ رِيحُهُ وَطَعْمُهُ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ ومِثْلُ الْخَمْرِ مِمَّا حَلَّ بِعَرَضٍ وَحَرُمَ بِعَرَضٍ المسك كان دما عبيظا حَرَامًا ثُمَّ جَفَّ وَحَدَثَتْ رَائِحَتُهُ فيه فصار طيبا حلالا.
وأما النَّبِيذُ فَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ قَوْمٌ هُوَ مَاءُ الزَّبِيبِ وَمَاءُ التَّمْرِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُغْلَيَا فَإِذَا اشْتَدَّ ذَلِكَ وَصَلُبَ فَهُوَ خَمْرٌ وَقَالُوا إِنَّمَا كَانَ الْأَوَّلوُنَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ يَشْرَبُونَ ذَلِكَ يَتَّخِذُونَهُ فِي صَدْرِ نَهَارِهِمْ وَيَشْرَبُونَهُ فِي آخِرِهِ وَيَتَّخِذُونَهُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَيَشْرَبُونَهُ عَلَى غَدَائِهِمْ وَعَشَائِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute