للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٩٠٩ - (خ م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «لمَّا حُفِرَ الخَندق رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم- خَمْصاً، فانكَفَأتُ إلى امرأتي، فقلت: هل عِندكِ شيء؟ فإني رأيتُ برسول الله - صلى الله عليه وسلم- خَمْصاً شديداً، فأخرجَتْ إليَّ جِراباً فيه صاع من شعير، ولنا بُهَيمَةٌ دَاجِن، فذَبَحتُها، وطَحَنَتْ، ففرغَتْ إلى فراغي، وقَطَّعَتْها في بُرْمَتِها، ثم ولّيْتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقالت: لا تفضحني برسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ومَنْ معهُ، فجئته فساررته، فقلت: يا رسول الله، ذبحنا بهيمةً لنا، وطحَنتُ صاعاً من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونَفَرٌ معك، فصاح النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، وقال: يا أهل الخندق، إن جابراً قد صنع سُؤْراً فحَيَّهلا بكم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: لا تُنْزِلَنَّ بُرْمتَكم، ولا تَخبِزُنَّ عَجِينَتَكم حتى أجيء، فجئت، وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يَقْدم الناس، حتى جئت امرأتي، فقالت: بكَ، وبكَ، فقلت: قد فعلتُ الذي قلتِ، فأخرجت عجيناً، فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى بُرْمَتِنا فبصق وبارك، ثم قال: ادعِي لي خابزةً فلتخبِزْ معكِ، واقْدَحِي من بُرمَتكم، ولا تُنزلوها، وهم ألف، فأُقسِمُ بالله لأَكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن بُرْمَتنا لَتَغِطُّ كما هي، وإِن عجيننا لَتخْبَزُ كما هو» أخرجه البخاري ومسلم. وللبخاري من حديث عبد الواحد (١) بن أيمن عن أبيه، قال: أتيتُ جابراً ⦗٣٥٤⦘ فقال: «إنا يوم الخندق نَحفِر، فعرضَتْ كُدْيةٌ شديدة، فجاؤوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: هذه كُديةٌ عَرَضَت في الخندق، فقال: أنا نازل، ثم قام وبَطْنُه معصوبٌ - ولبِثنا ثلاثة أيام لا نَذُوقُ ذَواقاً - فأخذ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- المِعْوَلَ، فعاد كَثيباً أَهْيَلَ - أو أَهيَم - فقلت: يا رسول الله، ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: إني رأيتُ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم- شيئاً، ما في ذلك صَبْرٌ، فعندكِ شيء؟ قالت: عندي شعيرٌ وعَنَاق، فذبحتُ العَنَاق، وطحَنَتِ الشعير، حتى جعلنا اللحم في البُرْمة، ثم جئت النبي - صلى الله عليه وسلم-، والعجينُ قد انكسر، والبُرْمة بين الأثافيِّ، قد كادت أن تنضَج، فقلت: طُعَيِّمٌ لي، فَقُمْ أنت يا رسولَ الله ورجل أو رجلان، قال: كم هو؟ فذكرت له، قال: كثير طَيِّب، قل لها: لا تَنْزِع البُرْمَةََ، ولا الخبزَ من التَّنُّور حتى آتي، فقال: قوموا، فقام المهاجرون والأنصار، فلما دخل على امرأته قال: ويحكِ، جاء النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- بالمهاجرين والأنصار ومَنْ معهم، قالت: هل سألك؟ قلت: نعم، فقال: ادخلوا، ولا تضاغطُوا، فجعل يُكَسِّر الخبز، ويجعل عليه اللحم، ويُخَمِّر البُرمَة والتَّنُّور إذا أخذ منه، ويقرِّب إلى أصحابه، ثم ينزع، فلم يزل يَكْسِر ويغرف حتى شبعوا، وبقيَ منه [بقيَّةٌ] ، فقال: كلي هذا وأهْدِي، فإن الناس أصابتهم مجاعة» (٢) .

⦗٣٥٥⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(الخمص والخميص) : الضامر البطن.

(البُهَيمة) : تصغير البَهمة، وهي ولد الضأن، ويقع على المذكَّر منها والمؤنث، و «السِّخال» أولاد المعزى، فإذا اجتمعت البهائم والسِّخَال، قلت لها جميعاً: بِهام وبُهْم.

(الداجن) : الشاة التي تألف البيت وتتربَّى فيه.

(السؤر) : لفظة فارسية، معناها: الوليمة والطعام الذي يدعى إليه، قال الأزهري: في هذا أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قد تكلَّم بالفارسية.

(حَيَّهلا) : كلمتان جُعلتا كلمة واحدة، ومعناها: تعالَوْا وعَجِّلوا.

(اقدحي) قَدَحتُ القِدْر: إذا غرفت ما فيها، والقديح: المرق، فعيل بمعنى مفعول، والمِقدحة: المغرفة.

(لتَغِط) غَطَّتِ القِدْرُ تَغِط: غَلَتْ، وغطيطها: صوتها.

(الكُدْية) : حجر صلب يَعْرِض لحافر البئر فيتعبه حفره.

(الكَثيب) : المجتمع من الرمل.

(أَهيل) انهل وانهال الرمل: إذا سال وجرى، وهِلْتُه أنا فانهال، وأهلته: لغة فيه، وأما «أهيم» فهو من الهيام، وهو الرمل الذي يكون تراباً دقاقاً يابساً. ⦗٣٥٦⦘

(العَناق) : الأنثى من ولد المعز.

(الأثافي) : الحجارة التي تنصب القدر عليها.

(المضاغطة) : المزاحمة في باب أو نحو ذلك.


(١) في الأصل والمطبوع: عبد الرحمن بن أيمن، والتصحيح من نسخ البخاري المطبوعة وكتب الرجال.
(٢) رواه البخاري ٧ / ٣٠٤ و ٣٠٥ في المغازي، باب غزوة الخندق، وفي الجهاد، باب من تكلم بالفارسية، ومسلم رقم (٢٠٣٩) في الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
١ - أخرجه أحمد (٣/٣٧٧) قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق.
٢- وأخرجه البخاري (٤/٩٠) ، (٥/١٣٩) قال: حدثنا عمرو بن علي. ومسلم (٦/١١٧) قال: حدثني حجاج بن الشاعر. كلاهما - عمرو، وحجاج - عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد، قال: أخبرنا حنظلة ابن أبي سفيان.
كلاهما - ابن إسحاق، وحنظلة - عن سعيد بن ميناء، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>