للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٩١٠ - (خ م ط ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال أبو طلحة لأم سُليم: «قد سَمِعْتُ صوتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ضعيفاً، أعرِفُ فيه الجوع، فهل عندكِ من شيء؟ فقالت: نعم، فأخرجَتْ أقراصاً من شعير، ثم أخَذَتْ خِمَاراً لها، فلفَّتِ الخبز ببعضه، ثم دستْهُ تحت ثوبي، وردَّتْني ببعضه، ثم أرسلَتْني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، قال: فذهبتُ به، فوجدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- جالساً في المسجد، ومعه الناس، فقمت عليهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: أرسلك أبو طلحة؟ قلت: نعم، قال: أَلِطَعَام؟ قلت: نعم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لمن معه: قوموا، فانطلقوا، وانطلقتُ بين أيديهم، حتى جئتُ أبا طلحة، فأخبرته، فقال أبو طلحة: يا أم سُليم، قد جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالناس، وليس عندنا ما نُطْعِمهم، فقالت: الله ورسوله أعلم، فانطلق أبو طلحة حتى لَقِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- معه، حتى دخلا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: هَلُمِّي ما عِندَكِ يا أم سليم، فأتت بذلك الخبز، فأمرَ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فَفُتّ، وعَصَرَتْ عليه أم سليم عُكَّةً لها، فآدَمَته، ثم قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما شاء الله أن يقول، ثم قال: ائذن ⦗٣٥٧⦘ لعشرة، فأذِن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ائذن لعشرة، حتى أكل القوم كلهم وشبعوا، والقوم سبعون رجلاً - أو ثمانون» . أخرجه البخاري ومسلم.

وللبخاري نحوه «أن أم سُلَيم عَمَدت إلى مُدٍّ من شعير، جَشَّتْهُ وجعلت منه خَطيفة، وعصرت عليه عُكَّةً لها، ثم بعثتني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فأتيته وهو في أصحابه، فدعوتُه، فقال: ومن معي، فجئت، فقلت: إنه يقول: ومَنْ معي، فخرج إليه أبو طلحة، فقال: يا رسول الله، إنما هو شيء صَنَعَتْهُ لك أم سُليم، فدخل، فجيء به، وقال: أدخِلْ عليَّ عشرة - حتى عدَّ أربعين - ثم أكل النبي - صلى الله عليه وسلم-، ثم قام، فجعلت أنظر: هل نقص منها شيء؟» .

ولمسلم قال: «بعثني أبو طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأدعوه، وقد جعل طعاماً، قال: فأقبلت ورسول الله مع الناس، فنظر إليَّ، فاستحييت فقلت: أجِبْ أبا طلحة، فقال للناس: قوموا، فقال أبو طلحة: يا رسول الله إنما صنعت لك شيئاً، فمسها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ودعا فيها بالبركة، ثم قال: أدخل نفراً من أصحابي عشرة، وقال: كلوا، وأخرج لهم شيئاً من بين أصابعه، فأكلوا حتى شبعوا، فخرجوا، فقال: أدخل عشرة، فأكلوا حتى خرجوا، فما زال يُدْخِلُ عشرة، ويُخْرِجُ عشرة، حتى لم يبق منهم ⦗٣٥٨⦘ أحدٌ إِلا دخل فأكل، حتى شبع، ثم هيَّأها، فإذا هي مثلها حين أكلوا منها» .

وفي أخرى نحوه، وفي آخره: «ثم أخذ ما بقي، فجمعه ثم دعا فيه بالبركة، قال: فعاد كما كان، فقال: دونكم هذا» .

وفي أخرى قال: «أمر أبو طلحة أمَّ سليم أن تصنعَ للنبي - صلى الله عليه وسلم- طعاماً لنفسه خاصة، ثم أرسلتني إليه..، وقال فيه: فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم- يده فيه، وسمَّى عليه، ثم قال: ائذن لعشرة، فأَذِنَ لهم فدخلوا، فقال: كلوا وسمُّوا الله، فأكلوا حتى فعل ذلك بثمانين رجلاً، ثم أكل النبي - صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك وأهلُ البيت، وتركوا سُؤْراً» .

وفي أخرى بهذه القصة، وفيه «فقام أبو طلحة على الباب، حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله، إنما كان شيئاً يسيراً (١) ، فقال: هَلُمَّه، فإن الله سيجعل فيه البركة» .

وفي أخرى بنحو هذا، وفيه: «ثم أكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأكل أهل البيت، ثم أفضلوا ما بلغوا جيرانهم» .

وفي أخرى قال: «رأى أبو طلحة رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- مضطجعاً في المسجد، يَتَقَلَّب ظَهراً لبطن، فظنه جائعاً.. وساق الحديث، وقال فيه: ثم أكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وأبو طلحة، وأمُّ سُليم، وأنس، وفَضَلَتْ فَضْلةٌ فأَهدَوْا منها لجيراننا» . ⦗٣٥٩⦘

وفي أخرى: أنه سمع أنس بن مالك يقول: «جئتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يوماً، فوجدته جالساً مع أصحابه قد عَصَّبَ بطنه بعِصابة - قال أسامة بن زيد: وأنا أشُكُّ: على حجر - قال: فقلت لبعض أصحابه: لِمَ عصَّبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بطنه؟ فقالوا: من الجوع، فذهبت إلى أبي طلحة - وهو زوج أُمِّ سُلَيم بنت مِلْحان – فقلت: يا أبتاه، قد رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- عَصَّبَ بطنه بعِصابة، فسألت بعض أصحابه؟ فقالوا: من الجوع، فدخل أبو طلحة على أُمِّي، فقال: هل من شيء؟ فقالت: نعم، عندي كِسَرٌ من خبز وتمرات، فإن جاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده أشبعناه، وإن جاءنا آخر معه قَلَّ عنهم ... » ثم ذكر سائر الحديث.

وأخرج الموطأ والترمذي الرواية الأولى، إلا أن الموطأ قال: «ائذن لعشرة - ست مرات» (٢) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(العُكَّة) : الوعاء الذي يكون فيه السَّمْن. ⦗٣٦٠⦘

(فآدَمَتْه) أي: خلطته بالخبز، وجعلته له أُدماً.

(جَشَّتْهُ) أي: طحنته طحناً قليلاً لتطبخه.

(الخطيفة) : أن يؤخذ قليل لبن ويذرَّ عليه دقيق، ثم يطبخ فيلعقه الناس.

(هلمه) هَلُمَّ بمعنى تعال، والهاء: هاء السكت.


(١) في نسخ مسلم المطبوعة: شيء يسير، وعلى هذا تكون " كان " تامة، لا تحتاج إلى خبر.
(٢) رواه البخاري ٩ / ٤٦٠ في الأطعمة، باب من أكل حتى شبع، وباب من أدخل الضيفان عشرة عشرة، وفي المساجد، باب من دعى لطعام في المسجد، وفي الأنبياء، باب علامات النبوة في الإسلام، وفي الأيمان والنذور، باب إذا حلف أن لا يأتدم فأكل تمراً بخبز، ومسلم رقم (٢٠٤٠) في الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه، والموطأ ٢ / ٩٢٧ و ٩٢٨ في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الطعام والشراب، والترمذي رقم (٣٦٣٤) في المناقب، باب رقم (١١) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك «الموطأ» صفحة (٥٧٧) . وعبد بن حميد (٨٣٧١) قال: حدثنا روح بن عبادة. والبخاري (١/١١٥) و (٤/٢٣٤) قال: حدثنا عبد الله بن يوسف. وفي (٧/٨٩) قال: حدثنا إسماعيل. وفي (٨/١٧٤) قال: حدثنا قتيبة. ومسلم (٦/١١٨) قال: حدثنا يحيى بن يحيى. والترمذي (٣٦٣٠) قال: حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، قال: حدثنا معن. والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (٢٠٠) عن قتيبة.
ستتهم - روح، وابن يوسف، وإسماعيل، وقتيبة، ويحيى، ومعن - عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>