يتصل به فهو كالشهادة إنما تعتبر عدالة الشهود عند الحاكم لأنهم يؤدون إليه الشهادة ولا تثبت عدالته عند المروي له حتى يعرفه بعينه وصفته كما تقدم ولا يكفي ذلك كونه عدلا عند الراوي له مع إبهام اسمه حتى لو قال الراوي حدثني ثقة ولم يسمه لم يكن ذلك كافيا في حق المروي له إلا أن يكون ذلك القائل مجتهدا والمكتفي بذلك مقلد له فيجوز كأصحاب الشافعي فيما يقول فيه أخبرني الثقة وأخبرني من لا أتهم ونحو ذلك أما انه ينتهض ذلك بمجرده حجة على خصمه فلا إذ من الجائز أنه لو سماه لا طلع فيه غيره على ما يقتضي جرحه ولم يكن ظهر لمن وثقه بخلاف ما إذا سماه باسمه ووثقه فإن المروي له وغيره إذا بحث عنه فلم يجد فيه جرحا اطمأن الى توثيقه ولزم العمل بخبره
قولهم في الوجه الأول إن المرسل قد قطع بإرساله الشهادة على النبي صلى الله عليه وسلم بخبره
جوابه المنع إذ لا سبيل إلى القطع إلا في الخبر المتواتر وأما خبر الواحد فلا يفيد إلا الظن بل لو صرح المرسل للحديث بذلك وقال اقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله لزم تأويل قوله وصرفه عن ظاهره وإلا كان كاذبا ويعود عليه بالجرح وإذا تعين تأويل معنى الإرسال فعلى قولهم يكون معناه أظن أو يغلب على ظني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا وعلى قول المانعين لصحة المرسل يكون معناه سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا وليس إضمار الأول بأقل من إضمار الثاني وعلى تقدير إيراده المعنى الثاني فليس فيه جزم بالخبر بل لو صرح بذلك وقال إني سمعت أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا لم يكن فيه جزم بالمروي ولا تعديل لمن أرسل عنه
وقولهم كفى المرسل بأرساله من بعده مؤنة البحث والتفتيش عن الراوي قلنا ليس كذلك ولا تنتهض الحجة بمجرده بل لا بد من معرفة ذلك الراوي ولو صرح بتوثيقه فإذا لم يجد فيه فغيره جرحا مؤثرا فحينئذ تقوم الحجة به وما لم يعرفه فتجويز كونه مجروحا ممكن وإذا احتمل لم يثبت خبره
فإن قيل لو كان مجروحا لبينه ولم يجزم بخبره قلنا يجوز أنه لم يظهر له جرحه لقلة ممارسته حديثه وعند معرفته باسمه يظهر لغيره ذلك