كون شيخه ضعيفا بل يحتمل أنه سمعه مرسلا أو أثر الاختصار أو كان في المذاكرة أو وثق بمن أرسل عنه كما تقدم إلى غير ذلك من الاحتمالات فلا يلزم القدح فيه وهذا بعينه قول من يجعل التدليس سببا للجرح في المدلس وسيأتي ذلك قريبا إن شاء الله تعالى
السادس تقدم الفرق بين المرسل والمنقطع والمعضل وأنه اصطلاح حديثي واسم الإرسال شامل لكن ذلك عند أئمة الأصول وكذلك بعض أهل الحديث ويظهر الفرق بينهما أن بعض من أجاز العمل بالمرسل منع ذلك في المنقطع وفي المعضل بطريق الأولى وأشار الإمام أبو المظفر بن السمعاني إلى شيء آخر وهو أن إرسال الحديث من أئمة التابعين كان معتادا بينهم متعارفا وأما انقطاع السند في أثنائه بإسقاط رجل أو أكثر ثم يذكر باقيه فإنه يدل على ضعف الساقط دلالة قوية وتقوى الريبة حينئذ به وجعل الحاكم من المنقطع أيضا قول الراوي عن رجل فإن ذلك لا يفيد احتجاجا به يعني ولا على القول بقبول المجهول لأن مثل هذا مجهول العين ولا يحتج به اتفاقا وإنما الخلاف في المجهول العدالة بعد معرفة عينه والتحقيق أن قول الرواي عن رجل ونحوه متصل ولكن حكمه حكم المنقطع لعدم الاحتجاج به
ثم إن هذا إنما يكون منقطعا إذا لم يعرف ذلك الرجل المبهم ومتى عرف كان متصلا ويحتج به إن كان ذلك الرجل مقبولا ومثاله ما روى سفيان الثوري عن داود بن أبي هند قال ثنا شيخ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي على الناس زمان يخير الرجل فيه بين العجز والفجور فمن أدرك ذلك منكم فليختر العجز على الفجور ورواه علي بن عاصم عن داود بن أبي هند قال نزلت حديلة قيس فسمعت شيخا أعمى يقال له أبو عمر يقول سمعت أبا هريرة يقول فذكره فتبين أن الرجل المبهم في طريق سفيان هو أبو عمر الحدلي وهو معروف
ومثاله في المعضل ما ذكر مالك في الموطأ أنه بلغه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للملوك طعامه وكسوته الحديث وقد رواه إبراهيم بن طهمان عن مالك خارج الموطأ عن محمد بن عجلان عن أبيه عن