لأن مؤلف السنن يترجم بحكم شرعي، باب تحريم كذا، باب وجوب كذا، فهو يترجم بحكم شرعي، وهو ينتقي للاستدلال على هذا الحكم بأقوى ما يجد، بخلاف من يترجم بترجمة صحابي.
الآن إذا ترجم باب وجوب -على سبيل المثال- عيادة المريض، لا بد أن يأتي بأقوى ما يجد مما يؤيد هذا الحكم، لكن إذا قال: أحاديث أبي بكر الصديق، هل يحتاج أن يأتي بأقوى ما رواه أبو بكر الصديق؟ لا، ما يلزم، المهم أن هذه الأحاديث مروية من طريق الصديق -رضي الله عنه- ولذا تأخرت رتبة المسانيد عن رتبة السنن، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
ودونها في رتبة ما جعلا ... على المسانيد فيدعى الجفلا
كمسند الطيالسي وأحمدا ... وعده للدارمي انتقد
مسند الإمام أحمد، كتاب عظيم وهو أطول المسانيد، باستثناء مسند بقي الذي لم يوجد، بل هو أطول الكتب المتداولة في السنة، وهو كتاب عظيم، شرطه كما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية لا يقل عن شرط أبي داود، والخلاف في أحاديثه هل يوجد فيه شيء موضوع وإلا لا يوجد، وللحافظ ابن حجر كتاب أسماه:(القول المسدد في الذب عن المسند)؛ لأن ابن الجوزي أدخل بعض الأحاديث من المسند في الموضوعات، فدافع عنه الحافظ ابن حجر، وعلى طالب العلم أن يقرأ مقدمة هذا الكتاب؛ فيها من الأدب، وفيها من الاعتراف لأهل الفضل بالفضل، ما ينبغي أن يتأدب عليه طالب العلم.
مسند الطيالسي: وهو أقدم، من مسند الإمام أحمد؛ باعتبار أن الطيالسي متوفى قبل الإمام أحمد -مائتين وأربعة، والإمام أحمد مائتين وواحد وأربعين- لكن باعتبار الجامع يونس بن حبيب الراوي عن الطيالسي من أقران الإمام أحمد، ومسند الطيالسي في مجلد واحد، أحاديثه ليست بالكثيرة بالنسبة لمسند الإمام أحمد، لكنه مسند مشهور معتنى به عند أهل العلم