وهناك كتاب آخر لشخص متأخر اسمه (مبتكرات اللآلي والدرر في المحاكمة بين العيني وابن حجر) يحتاجه طلاب العلم، يحتاجه طلاب العلم، يذكر كلام ابن حجر وتعقبات العيني ويحكم بينهما، والمسألة تحتاج إلى مزيد؛ لأنه ليس كل الإشكالات أجيب عنها، وليست كل المحاكمات سطرت، ووفق بينها، ووزن بينها.
الآن انتهينا من الشروح -شروح البخاري الخمسة- الكرماني، وابن رجب، ابن حجر، العيني، القسطلاني، هذه أهم الشروح، وما زال الكتاب بحاجة إلى مزيد عناية وتتبع واستقراء؛ لأن الكتاب بحر، صحيح البخاري كتاب من أعظم الكتب فائدة.
أما صحيح مسلم ويأتي في المرتبة الثانية بعد البخاري عند جمهور أهل العلم وقلنا: إن أبا علي النيسابوري مع المغاربة فضلوه، مع بعض المغاربة منهم ابن حزم، وعرفنا وجه التفضيل، وأنه لا يقتضي التفضيل.
أيضاً: عني به أهل العلم، وله طريقة أشرنا إلى شيء منها في سياق المتون والأسانيد، طريقة فذة، يعتني بصاحب اللفظ، بصاحب اللفظ إذا روى الحديث عن مجموعة بين صاحب اللفظ، حدثنا فلان، وفلان، وفلان، واللفظ لفلان، أو حدثنا فلان، وفلان، وفلان، قال فلان وفلان: أخبرنا، أو قال فلان: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا، والإمام البخاري لا يعتني بهذا؛ لأنه لا يفرق بين تحديث ولا إخبار، ولا يبين صاحب اللفظ، ولذا بعض المعاصرين يعتني به؛ لأنه يقول: ما دام يعتني بالألفاظ إذن هو أدق من صحيح البخاري؛ الإمام مسلم ينص على صاحب اللفظ، البخاري لا ينص على صاحب اللفظ، حدثنا فلان، وفلان ولا يدرى لمن اللفظ، لكن ظهر بالاستقراء أنه إذا روى الحديث عن اثنين فاللفظ لمن؟ للأخير - للأخير منهما- وهذه قاعدة أغلبة؛ لأنه بالتجربة وجد ما يخالف هذه القاعدة.
نأتي إلى مسألة الدِّقة: هل ما عرفنا عن صحيح مسلم أو عن مسلم من تحري في سياق الأسانيد والمتون، يقتضي تفضيله على البخاري في اختيار الألفاظ للمتون فنعتني به قبل البخاري، ثم نأخذ زوائد البخاري عليه كما يفعله بعضهم؟ هل هذا يقتضي ذلك؟ أو نقول: ومع ذلك نعتني بالبخاري، ونحفظ صحيح البخاري، ثم بعد ذلكم نأخذ زوائد مسلم؟ هاه؟