للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

هل نقول لطالب العلم: وأنت في عصر الحواسيب انسخ الكتب؟ نقول: لا تنسخ الكتب، اقرأ الكتب، أقل الأحوال، كان المتقدمون لا يفهرسون الكتب، ولا يعنون بترقيمها وحسابها، همتهم أعلى من ذلك؛ لأن طالب العلم إذا أراد الفائدة، طالب العلم إذا أراد الفائدة وبحث عنها بنفسه من غير فهارس، فإنه وهو في طريقه لتحصيل هذه الفائدة يستفيد عشرات الفوائد، كثير منها أهم من هذه الفائدة التي يبحث عنها، الآن اضغط الحاسب للمسألة التي تريد، فتخرج لك نفس المسألة دون غيرها، نعم نستفيد من هذه الآلات، لكن لا نعتمد عليها، نستفيد منها إذا ضاق الوقت، خطيب جمعة، شخص عنده درس أو محاضرة، وعنده حديث يريد أن يتأكد منه، ولم يبق من الوقت ما يسعف، نقول: اضرب الحاسب الآن، اضرب على الكمبيوتر وشوف هل هو صحيح وإلا، الآن ما عندك وقت، أنت مضطر الآن، وآخر يريد أن يختبر عمله، فخرج الحديث حسب قدرته واستطاعته، وجمع ما استطاع بعد أن بذل وسعه واجتهد، جمع الطرق التي في وسعه وفي مقدوره، جمع عشرين طريقاً للحديث، وأراد أن يختبر عمله، هل هناك زيادة؟ لا مانع من أن يضرب الحاسب ويطلع على ما فيه من زيادات، وإذا وجد من الزيادات في هذا الحاسب زيادة على ما تعب عليه، لا شك أنه سوف يعتني بهذه الزيادة ويحفظها، بخلاف ما لو جاء ابتداءً إلى هذا الحاسب.

وأنا أضرب مثال لمن يستعمل هذه الآلات، ومن يعاني العلم من أبوابه: شخص مر بطريق -شارع تجاري- فيه تنبيهات ولوحات ومحلات، وأشياء مكتوبة كثيرة، كثيرة يعني ألوف مؤلفة، تصور لو مر هذا مع هذا الشارع على سيارة تمشي مائة كيلو في الساعة، ماذا سيحفظ من هذه اللوحات؟

هو مثال تقريبي، الظاهر ما يحفظ ولا واحد بالمائة، لكن لو كان يمشي على رجليه، ويتلفت ويناظر يحفظ الكثير، وهذا مثل من يقرأ ومثل من يطلع على هذه الآلات، هذا مثال محسوس، ولا أستبعد أن يقول قائل: الناس وصلوا وما وصلوا، وأنتم تقولون: انسخوا واقرؤوا، إلى متى؟

<<  <  ج: ص:  >  >>