للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذَا تَزَوَّجَ العِبْدُ بإذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ نِكَاحُهُ على مَا سَمَّاهُ، وهَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أو بِذِمَّةِ السَّيِّدِ على رِوَايَتَيْنِ (١). وإنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ اذْنِهِ فالنَّكَاحُ فَاسِدٌ، فإنْ دَخَلَ بِهَا وَجَبَ في رَقَبَتِهِ خُمْسا المُسَمَّى في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٢) اخْتَارَهَا الخِرَقِيُّ، وفي الأخْرَى يَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ اخْتَارَهَا أبُو بَكْرٍ.

وإذا زَوَّجَ أمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ وَجَبَ عَلَى العَبْدِ مَهْرُ المِثْلِ ثمَّ سَقَطَ وقالَ شَيْخُنَا (٣): لا يَجِبُ مَهْرٌ أصْلاً، فإنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِحُرَّةٍ على صَدَاقٍ ثمَّ بَاعَهَا العَبْدُ بِثَمَنٍ في الذِّمَّةِ تَحَوَّلَ جَمِيعُ صَدَاقِهَا إلى ثَمَنِهِ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، ونِصْفَهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فإنْ بَاعَهَا إيّاهُ بالصَّدَاقِ الذي عَلَيْهِ صَحَّ الشِّرَى سَواء كانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أو بَعْدَهُ وإذا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ في قدرِ المَهْرِ، ولا بَيِّنَةَ لَهُمَا فالقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِيْنِهِ في إحْدَى الرِّوَايَتَينِ (٤)، وفي الأخرى: القَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي / ٢٧٢ ظ / مَهْرَ المِثْلِ مِنْهُمَا.

فإن ادَّعَى الزَّوْجُ دُونَ مَهْرِ المِثْلِ وادَّعَت الزَّوْجَةُ زِيَادَةً على مَهْرِ المِثْلِ رُدَّ إلى مَهْرِ المِثْلِ، ولا يَجِبُ الثَّمَنُ في الأحْوَالِ كُلِّهَا على قَوْلِ شَيْخِنَا. وعَنْدِي (٥): إنَّهُ يَجِبُ الثَّمَنُ في الأحْوَالِ كُلِّهَا لإسْقَاطِ الدَّعْوَى. وفي كَلامِ أحْمدَ -رَحِمَهُ اللهُ- ما يَدُلُّ على الوَجْهَيْنِ.

وهَكَذَا الحُكْمُ إذا اخْتَلَفَا في عَيْنِ المَهْرِ فَقَالَت الزَّوْجَةُ: تَزَوَّجَنِي على هَذِهِ الأمَة، وقالَ: بلْ تَزَوَّجْتُكِ على هذا العَبدِ، يُخَرَّجُ على الرِّوَايَتَيْنِ.

فإن اخَتَلَفَا في نِصْفِ المَهْرِ فالقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ أنَّها لمْ تقبضْهُ ولا شَيئاً منهُ وتَسْتَحِقُّهُ سَواء كانَ ذلكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أو بَعْدَهُ. وإنْ اخْتَلَفَا فِيما يستَقِرُّ بهِ المَهْرُ مِن الخَلْوَةِ والمَسِيسِ فالقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ. ولِلأبِ قَبْضُ مَهْرِ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ بِكُلِّ حَالٍ، فأمَّا البِكْرُ البَالِغَةُ العاقِلَةُ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ: أحَدُهُمَا لهُ قَبضُهُ أيضاً، والثَّانِيَةُ لا يَقْبِضُهُ إلاَّ بإذْنِهَا وهيَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا (٦) ولِلْمَرأةِ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرَهَا فإنْ تَبَرَّعَتْ بِتَسْلِيمِ نَفسِهَا فَهَلِ لَهَا الامْتَناعُ بعدَ ذلكَ حَتَّى تَقْبِضَ؟ قالَ ابنُ حَامِدٍ: لَها ذلكَ، وقالَ ابنُ شَاقْلا وابنُ بَطَّةَ: ليسَ لَهَا

ذلِكَ (٧).


(١) الأولى تتعلق بذمة السيد وهي رواية حنبل والثانية تتعلق بذمة العبد وهي رواية مهنّا. الروايتينِ والوجهين ١١٢/ب-أ.
(٢) انظر: الروايتين والوجهين ١١٣/أ-ب.
(٣) انظر: الإنصاف ٨/ ٢٥٨.
(٤) الروايتين نقلهما مهنّا. انظر: الروايتين والوجهين ١٢٤/أ-ب.
(٥) انظر: المقنع: ٢٢١.
(٦) انظر: الإنصاف ٨/ ٢٥٣.
(٧) انظر: المغني ٨/ ٨٠.

<<  <   >  >>