للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقد صحح أحمد الحديثين جميعًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث أبي هريرة، وحديث أبي موسى، قوله عليه السلام: "إذا قرأ الإمام فأنصتوا"، فأين المذهب عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وظاهر كتاب الله عز وجل، وعمل أهل المدينة؟ ".

قلت: لكن هذا النقل عن الأثرم يعارضه ما نقله عنه ابن رجب في شرح علل الترمذي (٢/ ٧٨٨)، قال ابن رجب: "قال أبو بكر الأثرم في كتاب الناسخ والمنسوخ: كان التيمي من الثقات، ولكن كان لا يقوم بحديث قتادة.

وقال أيضًا: لم يكن التيمي من الحفاظ، من أصحاب قتادة.

وذكر له أحاديث وهم فيها عن قتادة، منها: حديثه عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان، عن أبي موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جعل الإمام ليؤتم به"، قال فيه: "وإذا قرأ فأنصتوا"، ولم يذكر هذه اللفظة أحد من أصحاب قتادة الحفاظ.

[ثم ذكر أحاديث وهم فيها التيمي على قتادة، ثم قال:] وقد ذكر الأثرم في العلل أنه عرض هذا الكلام كله على أحمد، قال: فقال أحمد: هذا اضطراب، هكذا حفظت.

وحديث سليمان التيمي في الإنصات: "إذا قرأ الإمام" خرجه مسلم في صحيحه، وقد أنكر هذه الزيادة غير واحد من الحفاظ" [وانظر في أوهام سليمان التيمي على قتادة فيما تقدم من السنن برقم (٥٧٠)].

ففي هذا النقل الأخير أن أبا بكر الأثرم عرض هذا الحديث على الإمام أحمد على أنه من أوهام التيمي على قتادة، وأقره الإمام على ذلك، وهذا القول أقرب عندي للصواب إذ هو الموافق لقواعد الإمام أحمد في الإعلال، وهو الموافق لقول أكثر الحفاظ النقاد، من إعلال هذه الزيادة، وردِّها لوهم التيمي فيها، والله أعلم.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع (١٨/ ٢٠): "هذه الزيادة صححها مسلم، وقبله أحمد بن حنبل وغيره، وضعفها البخاري، وهذه الزيادة مطابقة للقرآن، فلو لم يرد بها حديث صحيح لوجب العمل بالقرآن، فإن في قوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)} [الأعراف: ٢٠٤] أجمع الناس على أنها نزلت في الصلاة، وأن القراءة في الصلاة مرادة من هذا النص" [وصحح الحديث في مواضع أخرى (٢٢/ ٢٩٥ و ٣٤٠) و (٢٣/ ٢٧٢)].

• والحاصل: أن هذه الزيادة "وإذا قرأ فأنصتوا": لا تثبت، لا من حديث أنس، ولا من حديث أبي هريرة، ولا من حديث أبي موسى الأشعري، فهي زيادة منكرة من حديث الزهري عن أنس، وهي وهْمٌ من ابن عجلان في حديث أبي هريرة، وهي وهمٌ من سليمان التيمي في حديث أبي موسى، غير محفوظة من حديث قتادة، لم يذكرها الحفاظ من أصحاب قتادة مثل: سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، وشعبة، وهمام، وأبان، وأبي عوانة، ومعمر، والله أعلم.

• وقد روي بعض حديث الباب أيضًا من حديث:

<<  <  ج: ص:  >  >>