للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكيفيات الواردة لصلاة الوتر

[السُّؤَالُ]

ـ[ما أفضل كيفية لأداء صلاة الوتر؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

صلاة الوتر من أعظم القربات إلى الله تعالى، حتى رأى بعض العلماء – وهم الحنفية – أنها من الواجبات، ولكن الصحيح أنها من السنن المؤكدة التي ينبغي على المسلم المحافظة عليها وعدم تركها.

قال الإمام أحمد رحمه الله: " من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة "

وهذا يدل على تأكد صلاة الوتر.

ويمكن أن نلخص الكلام عن كيفية صلاة الوتر في النقاط التالية:

وقته:

ويبدأ من حين أن يصلي الإنسان العشاء، ولو كانت مجموعة إلى المغرب تقديماً إلى طلوع الفجر، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلاةٍ وهي الْوِتْرُ جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ صَلاةِ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ) رواه الترمذي (٤٢٥) وصححه الألباني في صحيح الترمذي

وهل الأفضل تقديمه أول الوقت أو تأخيره؟

دلت السنة على أن من طمع أن يقوم من آخر الليل فالأفضل تأخيره، لأن صلاة آخر الليل أفضل، وهي مشهودة، ومن خاف أن لا يقوم آخر الليل أوتر قبل أن ينام لحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّ صَلاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ) رواه مسلم (٧٥٥)

قال النووي: وهذا هو الصواب، ويُحمل باقي الأحاديث المطلقة على هذا التفضيل الصحيح الصريح، فمن ذلك حديث: (أوصاني خليلي أن لا أنام إلا على وتر) . وهو محمول على من لا يثق بالاستيقاظ. اهـ. شرح مسلم (٣/٢٧٧)

عدد ركعاته:

أقل الوتر ركعة. لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ) رواه مسلم (٧٥٢) وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى) رواه البخاري (٩١١) ومسلم (٧٤٩) ، فإذا اقتصر الإنسان عليها فقد أتى بالسنة ... ويجوز الوتر بثلاث وبخمس وبسبع وبتسع.

فإن أوتر بثلاث فله صفتان كلتاهما مشروعة:

الأولى: أن يسرد الثلاث بتشهد واحد. لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يسلّم في ركعتي الوتر "، وفي لفظ " كان يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن " رواه النسائي (٣/٢٣٤) والبيهقي (٣/٣١) قال النووي في المجموع (٤/٧) رواه النسائي بإسناد حسن، والبيهقي بإسناد صحيح. اهـ.

الثانية: أن يسلّم من ركعتين ثم يوتر بواحدة. لما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة، وأخبر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك. رواه ابن حبان (٢٤٣٥) وقال ابن حجر في الفتح (٢/٤٨٢) إسناده قوي. اهـ.

أما إذا أوتر بخمس أو بسبع فإنها تكون متصلة، ولا يتشهد إلا تشهداً واحداً في آخرها ويسلم، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها. رواه مسلم (٧٣٧)

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوتر بخمس وبسبع ولا يفصل بينهن بسلام ولا كلام. رواه أحمد (٦/٢٩٠) النسائي (١٧١٤) وقال النووي: سنده جيد. الفتح الرباني (٢/٢٩٧) ، وصححه الألباني في صحيح النسائي

وإذا أوتر بتسع فإنها تكون متصلة ويجلس للتشهد في الثامنة ثم يقوم ولا يسلم ويتشهد في التاسعة ويسلم. لما روته عائشة رضي الله عنها كما في مسلم (٧٤٦) أن النبي صلى الله كان َيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لا يَجْلِسُ فِيهَا إِلا فِي الثَّامِنَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يَنْهَضُ وَلا يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّ التَّاسِعَةَ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا)

وإن أوتر بإحدى عشرة، فإنه يسلم من كل ركعتين، ويوتر منها بواحدة.

أدنى الكمال فيه وما يقرأ منه:

أدنى الكمال في الوتر أن يصلي ركعتين ويسلّم، ثم يأتي بواحدة ويسلم، ويجوز أن يجعلها بسلام واحد، لكن بتشهد واحد لا بتشهدين، كما سبق.

ويقرأ في الركعة الأولى من الثلاث سورة (سبح اسم ربك الأعلى) كاملة. وفي الثانية: الكافرون. وفي الثالثة: الإخلاص.

روى النسائي (١٧٢٩) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) . وصححه الألباني في صحيح النسائي.

فكل هذه الصفات في صلاة الوتر قد جاءت بها السنة، والأكمل أن لا يلتزم المسلم صفة واحدة، بل يأتي بهذه الصفة مرة وبغيرها أخرى.. وهكذا. حتى يكون فعل السنن جميعها.

والله تعالى أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>