للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث تميم الداري عن المسيح الدجال

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حقيقة أن جماعة من المسلمين كانوا على سفر، فالتقوا برجل سألهم عن الزمان وعن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، فرجع وقال إن هذا ليس زمن خروجه، فقيل إنه الدجال؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

القصة التي ذكرتها جاءت في حديث مشهور، يعرف بـ (حديث الجسّاسة) ، وهو حديث عظيم، فيه علم من أعلام النبوة، فأترك لك فرصة الاستفادة والاستمتاع بقراءته.

عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت:

(سَمِعْتُ نِدَاءَ الْمُنَادِي، مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يُنَادِي (الصَّلَاةَ جَامِعَةً) . فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكُنْتُ فِى صَفِّ النِّسَاءِ الَّتِى تَلِى ظُهُورَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ «لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَاّهُ» . ثُمَّ قَالَ «أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ» ؟

قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ:

«إِنِّى وَاللَّهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لأَنَّ تَمِيماً الدَّارِىَّ كَانَ رَجُلاً نَصْرَانِيًّا فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِى حَدِيثاً وَافَقَ الَّذِى كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ، حَدَّثَنِى أَنَّهُ رَكِبَ فِى سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلاً مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ، فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْراً فِى الْبَحْرِ، ثُمَّ أَرْفَئُوا (أي: التجؤوا) إِلَى جَزِيرَةٍ فِى الْبَحْرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا فِى أَقْرُبِ السَّفِينَةِ (وهي سفينة صغيرة تكون مع الكبيرة كالجنيبة يتصرف فيها ركاب السفينة لقضاء حوائجهم، الجمع قوارب والواحد قارب) فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ (أي: غليظ الشعر) كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقَالُوا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ (قيل سميت بذلك لتجسسها الأخبار للدجال) . قَالُوا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: أَيُّهَا الْقَوْمُ! انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِى الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ. قَالَ لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلاً فَرِقْنَا (أي خفنا) مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، قَالَ فَانْطَلَقْنَا سِرَاعاً حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقاً، وَأَشَدُّهُ وِثَاقاً، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ، قُلْنَا: وَيْلَكَ مَا أَنْتَ؟ قَالَ: قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي، فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ، رَكِبْنَا فِى سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ (أي هاج) ، فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْراً، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ، فَجَلَسْنَا فِى أَقْرُبِهَا، فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ. قُلْنَا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَتِ: اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِى الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِاْلأَشْوَاقِ. فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعاً، وَفَزِعْنَا مِنْهَا وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ. قُلْنَا: عَنْ أَىِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا هَلْ يُثْمِرُ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لَا تُثْمِرَ. قَالَ: أَخْبِرُونِى عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ؟ قُلْنَا: عَنْ أَىِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قَالُوا: هِىَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ. قَالَ: أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ. قَالَ: أَخْبِرُونِى عَنْ عَيْنِ زُغَرَ؟ (وهي بلدة تقع في الجانب القبلي من الشام) قَالُوا: عَنْ أَىِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِى الْعَيْنِ مَاءٌ؟ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ، هِىَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا. قَالَ: أَخْبِرُونِى عَنْ نَبِىِّ الأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ؟ قَالُوا: قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ. قَالَ: أَقَاتَلَهُ الْعَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ وَأَطَاعُوهُ، قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ؟ قُلْنَا نَعَمْ. قَالَ: أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَإِنِّى مُخْبِرُكُمْ عَنِّي، إِنِّى أَنَا الْمَسِيحُ، وَإِنِّى أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِى فِى الْخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِى الأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَاّ هَبَطْتُهَا فِى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِداً مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِى مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتاً يَصُدُّنِى عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا. قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِى الْمِنْبَرِ -: «هَذِهِ طَيْبَةُ هَذِهِ طَيْبَةُ هَذِهِ طَيْبَةُ» . يَعْنِى الْمَدِينَةَ «أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ؟» . فَقَالَ النَّاسُ:نَعَمْ.

«فَإِنَّهُ أَعْجَبنِى حَدِيثُ تَمِيمٍ أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِى كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ وَعَنِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، أَلَا إِنَّهُ فِى بَحْرِ الشَّامِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ، لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ما هُوَ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ» (قال القاضي: لفظة (ما هو) زائدة، صلة للكلام، ليست بنافية، والمراد إثبات أنه فى جهات المشرق) وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ. قَالَتْ فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)

رواه مسلم في صحيحه برقم (٢٩٤٢) ، فهو حديث صحيح، رواه أهل العلم في كتبهم، من طريقين عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وقال الترمذي رحمه الله "الجامع الصحيح" (٢٢٥٣) : " هذا حديث صحيح غريب " انتهى. وقال ابن عبد البر "الاستذكار" (٧/٣٣٨) : " ثابت صحيح من جهة الإسناد والنقل " انتهى.

وللاستزادة انظر الأرقام التالية (٨٣٠١) (٨٨٠٦) (٣٢٦٦٥)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>