للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النهيُ عن قول القائل: استأثر الله بفلان، بل يُقال: مات فلان. ويُقال: استأثر الله بعلم الغيب، واستأثر الله بكذا وكذا.

قال النخعي: كانوا يكرهون أن يُقال: قراءة عبد الله، وقراءة سالم، وقراءة أًبيّ، وقراءة زيد، وكانوا يكرهون أن يقولون: سنة أبي بكر وعمر (١) ، بل يقال: سنة الله ورسوله، ويقال: فلان يقرأ بوجه كذا، وفلان يقرأ بوجه كذا.

وكره مجاهد أن يقولوا: مُسيجد، ومصيحف، للمسجد، القليل الذرع، والمصحف القليل الورق، ويقول: هم، وإن لم يريدوا التصغير، فإنه بذلك شبيه.

وربما صغَّروا الشيء من طريق الشفقة والرقة، كقول عمر: أخافُ على هذا العُريب، وليس التصغير بهم يريد. وقد يقول الرجل: إنما فلانٌ أُخيِّي وصُديِّقي؛ وليس التصغير له يريد. وذكر عمرُ، ابن مسعود، فقال: كُنيفٌ مُلئ عِلْماً. وقال الحباب بن المنذر يوم السَّقيفة: أنا جُذيلها المُحكَّك، وعُذيقها المرجَّب، وهذا كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: ((الحُميراء)) ، وكقولهم لأبي قابوس الملك: أبو قُبيس. وكقولهم: دبت إليه دويهية الدهر، وذلك حين أرادوا: لطافة المدخل، ودقة المسلك.


(١) أضلت العصبية الجاحظ في قوله هذا. وكيف يكره العلماء تعبيراً عبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ يقول: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)) وقد اقتدى علماء الإسلام بالرسول فقالوا كثيراً: هذا من سنة أبي بكر وعمر، وهذا من سنة العمرين، أما الرافضة وغلاة الشيعة فقد دفعهم الحقد على الشيخين إلى إنكار هذا التعبير. هذا وقد قرأت في كتاب سيبويه ١/٢٦٨: ((وأما قولهم أعطيكم سنة العمرين، فإنما أدخلت الألف واللام على عمرين وهما نكرة فصارا معرفة بالألف واللام، واختصا به، كما اختص النجم (يريد الثريا) بهذا الاسم وكأنهما جعلا من أمة كل واحد منهم عمر، ثم عرفا بالألف فصارا بمنزلة النسرين، إذا كنت تعني النجمين)) .

<<  <   >  >>