للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن بناها، وإن كان قد قيل فيه وجه آخر وهو: " والسماء وما بناها " أي وبنائها؛ قال: ويجوز أن تكون ما ها هنا بمنزلة الذي، كأنه قال: الذي طاب لكم من النساء، فإن قيل على هذا الوجه، فكيف تكون بمعنى الذي وهو للمذكر، قيل: هذا يجوز لأنه عبارة عن الجنس، ألا ترى إلى قولك: من في الدار صحيح، مع علمك أن في الدار امرأة أو رجلاً وكما قال تعالى " النار الذي كنتم به تكذبون " الطور: ١٤، ويكون ها هنا عائداً على نفس اللفظ؛ قال: وهذا وجه صالح.

قال: ويجوز على معنى ثالث وهو أن تكون ما عبارة عن أي وقت وزمان كأنه قال: وانكحوا من النساء ما طاب أي وقت طاب، وقال: إن صح هذا فهو جيد.

سمعت علي بن عيسى يقول: كان عندنا صيدناني يقال له أبو شجاع، وكان يتمثل لدوائه ودواء غيره ويقول: مثال ذلك مثال رجلين على أحدهما جبة خلق وعلى الآخر جبة خز دخلا حماماً، فخرجا وقد سرقت جبتاهما، فهذا يبكي ويقول: واجبتاه، وهذا يبكي ويقول: واجبتاه، يريد أنه يبكي كل واحد منهما على قدر جبته.

وسمعته يقول: في قوله تعالى " ومن دخله كان آمناً " آل عمران: ٩٧ وجهان: أحدهما انه على طريق الأمر والحكم كأنه في التقدير: ومن دخله يأمنونه؛ وحكي عن بعض القرامطة أنه قال لما دخل مكة وقتل الناس بها: ألم يقل الله " ومن دخله كان آمناً "، والله لقد أخفنا السبيل، وأطلنا العويل، فقال له بعض الحاج: يا هذا إنما هو على طريق الأمر: أمنوه، قال: فكأنما ألقمه حجراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>