بين الفضل والهزل، وبين العلم والجهل، ومن شمّر في كتاب تشميرك. وكدّ فيه كدّك، نفى المنفيّ واختار المختار، فالعطن يضيق عن تمام العزم في مطالعة الكلمة السخيفة واللفظة الشريفة، ومن مزج هذه بهذه كمن مزج الشراب الصافي بالكدر، وبما يكدّره ويعنّي شاربه ويمنع من تورّده والارتواء به. فقلت له معتذراً بلسانٍ ذي كلول، وحدٍّ ذي فلول: أيها السيد الجحجاح والفاضل المنّاح، لو تمكنت من هذا الرأي لما صددت عنه ولا آثرت عليه؛ لكنّي لمّا اقتبست ذلك من تصفّح العالم واستريته من مسألة العالم. أخذته على ما عنّ وجرى. وهذا أيّدك الله كلام رجلٍ لم يذق حلاوة البيان، ولا ظفر بعزّ الحجة، ولا فرّق بين ما يعانيه من جهة الهزل، وبين ما يكلّفه من جهة الجدّ، وال علم أن هذا الظّرف لذلك المتاع، وهذا التبسّم لذلك الوجوم، وهذا النّطف لتلك الدماثة، وهذه الهيبة لذلك الانبساط، وهذه الرياضة لتلك العافية، ومن كان معجوناً من أخلاط، ومركّباً على اختلاف، وأسيراً للعوارض، فلا بدّ في كلّ حركةٍ وسكون، وقولٍ وعمل، ونقص وكمال، وفضيلةٍ ورذيلة، من محبوبٍ يناله، ومكروهٍ ينال منه.
نرجع إلى سمرنا فقد تباعدنا منه: اعلم أني قد ختمت هذا الجزء بجملةٍ من كلام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، سوى ما سار في جريدة الكتاب، إذا بلغت إليها، وأشرفت عليها، علمت أنّي منحوس الحظّ من زماني، محسودٌ بين أصفيائي وإخواني،