أتى عمرو بن معدي كرب مجاشع بن مسعودٍ بالبصرة فقال له: اذكر حاجتك، فقال: حاجتي صلة مثلي، فأعطاه عشرة آلاف درهم وفرساً من بنات الغبراء وسيفاً قاطعاً ودرعاً حصينة وغلاماً خياراً؛ فلما خرج من عنده قال له الناس: كيف وجدت صاحبك؟ قال: لله بنو سليمٍ ما أشدّ في الهيجاء لقاءها، وأكرم في اللّزبات عطاءها، وأثبت في المكرمات بناءها، لقد قاتلتها فما أجبنتها، وسألتها فما أبخلتها، وهاجيتها فما أفحمتها، وأنشد: الطويل
ولله مسؤولاً نوالاً ونائلاً ... وصاحب هيجا يوم هيجا مجاشع
نقلت هذا من خطّ ابن السّراج النّحوي؛ ومعنى قوله أجبنتها: أي ما وجدتهم جبناء ولا بخلاء ولا مفحمين، ومتى شدّدت الحرف فقلت: بخّلته انقلب المعنى إلى أنك تنسبه إلى البخل وبطل معنى وجدته، وهكذا نظائر هذا الحرف.
قال المدائني: قدم عبد الرحمن بن سليم الكلبي على المهلّب بن