للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من لا يرحم لا يرحم "؛ المعنى في قوله: من لا يرحم لا يرحم أبين منه في قوله: لا تنزع الرحمة إلا من شقي، وذلك أن الرحمة إذا نزعها الله عزّ وجلّ منه فإنه يشقى بضدّ الرحمة وهي القسوة. والمعتزليّ يقول لك: كيف لا يكون قاسياً من نزعت الرحمة منه، وكيف لا يكون ضريراً من سلب بصره؟ فإذا قيل له: فما تقول؟ قال: ليس الخبر حقًّا، فإن قيل على التهمة الواقعة لك: ما وجه القول؟ فليس يضيق مثل هذا الإطلاق عند جميع الأمّة عن تأويل يطّرد فيه المعنى ويتمّ عليه المغزى، فيقول على التكليف: كأنّ المراد أن الفاسق القاسي يعاقبه الله عزّ وجلّ على ذنوبه بنزع الرحمة من قلبه، وهذا بعد استحقاق العبد ذلك بما اجترم واجترح.

وسألتبعض الحكماء والعلماء عن هذا فتعسّف، وقال: كأنّ من شقي بسعيه وقدم القيامة صفراً من الخير كمن نزعت الرحمة من قلبه، أي لم يعامل بما يستحقه السعيد؛ فعلى هذا الرحمة من الله تعالى جزاءٌ إلا أنها منزوعةٌ عن هذا؛ وكلّ هذا واهٍ ضعيف، والكلام على جملته مفيد المعنى مقبول المراد غير مأبيٍّ ولا مردود.

ولست أحبّ من هؤلاء العلماء هذا التّنقير فيما هذا سبيله، فإنه أخذٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>