وكان الخليل بن أحمد السجستاني يقول: لا يجوز أن يتعبّد الله أحد من الخلق بمحبة أحدٍ من الخلق، لأن ذلك خارجٌ من الحكمة، وذلك أنّ الإنسان - بزعمه - لا يفعل المحبة ولا البغضة، وإنما المحبة والبغضة والشهوة والكراهية عوارض للإنسان من قبل الله عزّ وجلّ؛ فقيل له: فإنّا نحبّ الرسول وقد أمرنا بذلك، قال: تلك المحبة كنايةٌ عن الطاعة؛ ألا ترى أن الله عزّ وجلّ يحبّ على هذا المعنى، وقد قرن المحبة بالاتّباع، والاتّباع هو الطاعة في قوله تعالى " قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعون " فرسول الله محبوبٌ على ذلك؛ قيل له: فكيف تكون محبتنا لله كنايةً عن طاعتنا له؟ فقال: كما كان حبّ الله لنا كناية عن ثوابه لنا في قوله " يحببكم الله ".
قال ابن عباس، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله:" ليس الخبر كالمعاينة؛ إنّ الله عزّ وجلّ قال لموسى عليه السلام: إنّ قومك فعلوا كذا وفعلوا كذا فلم يبال، فلما عاد وعاين ألقى الألواح وأخذ برأس أخيه ".
وقد سمعت بعض الحكماء يقول: إنما صار العيان يورث الاضطرار لأنه يشارط الحواسّ، والحواسّ سريعة التقلّب والتبدّل، والخبر