للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سمعت بعض أصحاب الورع يقول: ترك ما لا يعني صعبٌ، وكان بعض المشايخ ممن يتحلى بالحكمة ويتظاهر بالفضيلة دخل حمّاماً فوجده حاراً، فقال لمن بجنبه: ما أحرّ هذا الحمام؟ قال هذا: ذاك كأني لا أعلم أنك تجد من حرارة هذا البيت ما أجد، حتى تتجرّد لهذا القول وتشغل نفسي بهذا الخبر، وتقيّد لسانك بهذا اللفظ، فما الذي أفاد هذا أحدنا؟ ولقد أخذ هذا الشيخ مأخذاً صعباً؛ وقيل: من التّوقّي ترك التّجنّي، وترك الإفراط في التوقي؛ وكأنّ هذا الرجل قريبٌ من صاحب الزّبيبة، فإن رجلاً رؤي بمنىً وعرفات وبيده زبيبة وهو ينادي: ألا من ضاعت له زبيبة؟ فقيل له: أمسك، فإنّ هذا من الورع الذي يمقته الله عزّ وجلّ، ولنفس حصةٌ ولها استراحة وعليها منها كدب ومع التزمت ومع التقبض هشاشة ومع التعمّل دماثة، وللإنسان من كلّ شيءٍ حظّ، ولكل شيءٍ منه نصيب، ولو كان الإنسان مصبوباً في قالب واحد، ومصوغاً على خطٍّ واحد، ولو كان الإنسان واحداً، ومسلولاً عن طبيعة واحدة، لكان هذا يستمرّ بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>