للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخمر: لو صحّ أمر الدّين في نفسي لما وجدتني عاكفاً على هذا، لكنّي ما أجد صحةّ ولا أعرف حقيقةً، وأما الكلام الذي نديره بيننا وبين الخصوم مثاله مثال قول القائل: أين الباب المجصّص؟ فيقول له المجيب: عند الدّرب المرصّص، فيقول السائل: فأين الدرب المرصّص؟ فيقال: عند الباب المجصّص.

هذا قليلٌ من كثير ما ينطوي عليه هذا وأشباهه من الناس، والطريف أنّ القوم يقطعون بالوعيد، ويحكمون بالتخليد، ويأخذون بأشدّ التشديد، ثم يركبون من الدنيا سنامها ويقتحمون من النار جاحمها؛ على هذا تجد القاضي الأسداباذي قاضي الرّي وابن عبّاد ومن لفّ لفّهما، وما أدري ما أقول في هذه الطائفة الداعية إلى الحقّ بزعمها، العاكفة على الفسوق والكفر باختيارها. ما هذا إّلا العناد ومجاهرة ربّ العالمين بالإلحاد. ولولا أنّي أجد لهيباً في نفسي من هذه الأمور المتناقضة، لما شغلت خاطري بهم ولا أعملت لساني فيهم، فلهم ربّ يجزيهم جزاءهم ويحاسبهم حسابهم، ولكنّي يدركني أسفٌ على دين الله عزّ وجلّ كيف يتلعّب به قومٌ لا خلاق لهم، ولا من عقيدة معهم، وإنما أتوا من الفضل الذي تقدّم هذا الكلام، وهو أنهم رضوا من أنفسهم في الدين بالكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>