للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن لم يأمرنا بالنحو، وإلا فهات أنه يدل على أنه أمرنا بأن نتعلم ضرب عبد الله زيداً. وقد رأيت روغانه عن تحصيل الحجة في معرفة ذلك: ألا يعلم أن الكلام كالجسم والنحو كالحيلة، وأن التمييز بين الجسم والجسم إنما يقع بالحلى القائمة والأعراض الحالة فيه، وأن حاجته إلى حركة الكلمة بأخذه وجوه الإعراب حتى يتميز الخطأ من الصواب كحاجته إلى نفس الخطاب. وليس على كلامه قياس، ولا في ركاكة بني جنسه التباس، وإنما غره من هو أنقص منه فطرة، وأخس نظراً وفكرة. أتراه يصل إلى تخليص اللفظ المبني على معنى دون اللفظ المبني على معنى آخر، إلا بحفظ الأسماء وتصريفها؟ أتراه يقف على تحصيل المعنى المدفون في هذا اللفظ دون المعنى المدفون في هذا اللفظ إلا بتمييز وجوه حركات اللفظ؟ فبان لك أن الحالف بالتورية في يمينه: والله ما رأيته، وهو يريد ما ضربت رئته، ووالله ما قلبته، وهو يريد ما ضربت قلبه، ليدفععن نفسه ضيماً نزل به بما يفهم من الرؤية والقلب الذي هو العكس، إنما يبرأ من الحنث ويتخلص من الضيم لقيامه بحفظ اللغة، كذلك من يعرف الفرق الواقع بين الإعراب الذي هو حركة آخر الكلمة في قوله: أنت طالق إن دخلت الدار، وأنت طالق أن دخلت الدار، وفي قوله: " فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون " يس: ٧٦ وأنا نعلم فرق، متى لم يقف عليه زل إلى الكفر، وكذلك في قوله " أن الله بريء من المشركين ورسوله " التوبة: ٣، فرق يتوسط بين الصواب والخطأ، صوابه إيمان وخطأه كفر. وبسبب هذا الحرف وضع النحر، لأن علياً ابن أبي طالب رضي الله عنه سمع قارئاً يقراً على غير وجه الصواب، فساءه

<<  <  ج: ص:  >  >>