الوكيل ليعرف حقيقة الخبر، ولما دخل منزلي وكشف عن وجه ابن أبي طاهر استراب به، فنقر أنفه فضرط، فالتفت إلي وقال: ما هذا؟ فقلت: هذه بقية روحه كرهت نكهته فخرجت من استه! فضحك حتى استلقى، ودفع لي ثلاثة دنانير وقال: أنتم ظرفاء مجان، فاصرفوها فيما تحتاجونه.
٦٠ - قال محمد بن راشد: كنا يوماً مع إسحاق بن إبراهيم الطاهري نتحدث ونخوض في ضروب من الآداب، إذ أقبل علينا فقال: ما أراد امرؤ القيس بقوله: الطويل
أغرك مني أن حبك قاتلي ... وأنك مهما تأمري القلب يفعل
فكل قال بما حضره فقال: لم يرد هذا، قلنا: ما أراد؟ قال: أراد تملكين قلبك فإن أردت صرمي قدرت عليه، وإن أردت صلتي قدرت عليها، وأنا لا أملك من قلبي إلا صلتك؛ ومعنى أغرك أي جراك علي.
٦١ - وكان الثوري يعظ أصحابه فيقول: ما تصنعون بشيء إذا بلغتم منه الغاية تمنيتم أن تنجوا منه كفافاً؟