للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأغراض، وكل شيء له فيه نصيب، ومن كل شيء عنده حيلة، وله إلى كل شيء مسلك، وبينه وبين كل شيء نسبة ومشاكلة، وهو جملة أشياء لا تنفصل، وتفصيل حقائق لا تتصل، وهو أب العالم المتوسط بين العالمين، وله نزاع إلى الطرفين: إلى ما ينحط عنه بالشوق إلى الكمال، وإلى ما يعلو عليه بالتنزه عن النقصان؛ وهو مرتهن بالأسباب العالية والدانية، وتابع للغالب، ومنجذب مع الجاذب، وفاعل فيما علا عليه وقبل أثره، وقابل مما أنحط عنه وسرى إليه أثره.

وهذا فن لا يتسع القول فيه لضيق حدوده وإشكال حقائقه، وإنما نثرت ها هنا ما علق بقلبي من خلصان هذا العلم، وأفاضل هذا الشأن، وما نصيبي منه إلا كنصيب من حكى لغة لا دربة له بها، ولا عادة له في استعمالها، ولا أنس له بفهم اصطلاح أهلها، ولولا أني قد شرطت أن أصرف القول تصريفاً، حاكياً وقائلاً، لما أعرت هذا النمط من نفسي فراغاً، ولا قصدت فيه بلاغاً، فإن فيما جل عن هذا غنى عما دق من هذا.

هذا كتاب الله عز وجل، وهو المقنع والمفزع، وفيه الشفاء والبيان، والهدى والنور، وإليه مرد كل مشكل، وعليه معرج كل حيران: مجمله كاف للقلوب السليمة، ومفصله شاف للصدور السقيمة، وظاهره داعيك بما أوضح لك إلى تسليم ما بطن عنك، وباطنه مناجيك بما أشار إليه لتقف مع ما ظهر

<<  <  ج: ص:  >  >>