غير سفيه، ومصيباً غير مخطئ، وهذا بين والحمد لله. هذا - أيدك الله - لفظ الحارث الوراق.
واعلم ان ابن زكريا والحارث الوراق جميعاً قد خبطا خبط عشواء، ودلاً على قلة المعرفة بأسرار افلهية وأحكام العبودية: أما ابن زكريا فمعترض، والعبد أحقر من أن يعترض على مولاه، وأما الحارث فمتكلف ما حط الله عنه؛ وبيان ما أقول أن الحارث أوضح المعنى الذي أدلى به خصمه بالمثال الذي نصبه، والمثال مردود الأوصل فاسد الأساس، لأن الوالد إنما سلك بودله أوعر الطريقين لعجزه عن سلوك الطريق السهل به، فكان الحزم عنده هذه يقتضيه عقله والنظر له بطباع رحمته أن يبلغ في اجتلاب مصلحته واكتساب منفعته غاية ما يقدر عليه، ويجد سبيلاً إليه، وليس هكذا الأمر في الله عز وجل وعبده، لأن الله عز وجل قادر على إيصال المنافع والمصالح إلى عبده من حيث لا ينصب عبده ولا يخاطر بنفسه، فإن توهم أنه لا يقدر فهذا هو الكفر الصريح، وإن قيل هذا مقدار ما يملكه وغاية ما أصلح العبد به صار العيان جاحداً لهذه الدعوى، والضرورة دافعة لهذه الحجة، فقد جاء م هذا التنقير ا، الوالد بحكم الشفقة بما تجد نفسه من الرقة في باب ولده لا يجد مزيداً على ما أقدم عليه، وما هكذا ربك، فإنه مالك كل شيء وقائم على كل شيء؛ فإذا كان اعتراض ابن زكرياتحكماً بمن استأثر بأحكامه واستبد بأسراره وأعمى عين القلب عن إدراك ما علا عليه وأحاط به، فقد باء بسخط من الله ومأواه جهنم، إلا أن ينزع عن هذه العقيدة، ويطمئن إلى الله عز وجل في صلاح ما جهله، وإتقان ما أشكل عليه؛ وهكذا يقال للحارث الوراق: أنت من أين لك أن أفعال الله الذي خلق الخلق مقيسة إلى أفعال الخلق؟ وأن الذي يستحيل ها هنا يستحيل هناك؟ ومتى أوحي إليك بأن تمثيلك وقيايك ونظرك ميزانت بين الله تعالى وبينك تزن به جميع