قال الأصمعي، قيل لأعرابي: إنك تموت، قال: فإلى أين يذهب بي؟ قالوا: إلى الله تعالى، قال: فما أكره أن أذهب إلى من لم أر الخير قط إلا منه.
قال الأصمعي: سمعت أعرابياً وهو متعلق بأستار الكعبة يقول: إلهي، من أولى بالزلل والتقصير مني، وقد خلقتني ضعيفاً؛ إلهي، من أولى بالعفو منك، وقضاؤك علي نافذ، وعلمك بي محيط؛ أطعتك بإذنك والمنة لك علي، وعصيتك بعلمك، فالحجة لك علي، فبثبات حجتك وانقطاع حجتي، وبفقري إليك وغناك عني، إلا غفرت لي ذنوبي.
قال منذر الثوري: مررت بعلي بن الحسين رضي الله عنه فرأيته في حائط له يتفكر فقلت: ما وقوفك ها هنا؟ قال: وقفت أفكر، فهتف بي هاتف فقال: يا ابن الحسين! ما هذا الفكر، أفي الدنيا والرزق حاضر للبر والفاجر؟ أم في الآخرة والوعد صادق من ملك قادر؟ قلت: لا في هذا ولا في هذا، قال: ففيم؟ قلت: فيما يخوفنا الناس من فتنة ابن الزبير؛ قال: فأعاد الصوت فقال له: أرأيت رجلاً خاف الله فلم يكفه؟ أو توكل عليه فوكله إلى غيره؟ قال: ثم قال: أنا الخضر يا ابن الحسين.
قيل لأعرابي: ما أشد البرد؟ قال: إذا دمعت العينان، وقطر المنخران، ولجلج اللسان.