مسكوناً إليه، ويمكر موثوقاً به، ويخيس معتمداً عليه، وصل الكفاية بالسلوة عن هذه الدنيا، واجعل التهافنا عليها حنيناً إلى دار السلام ومحل القرار، وغلب إماننا بالغيب على يقيننا بالعيان، أحرسنا من أنفسنا فإنها ينابيع الشهوة ومفاتيح البلوى، وأرنا من قدرتك ما يحفظ علينا هيبتك، وأوضح لنا من حكمتك ما يقلبنا في ملكوتك، وأسبغ علينا من نعمتك ما يكون لنا عوناً على طاعتك، وأشع في صدورنا من نورك ما تتجلى به حقائق توحيدك، واجعل ديدننا ذكرك، وعادتنا الشوق إليك، وعلمنا النصح لخلقك، واجعل غايتنا الاتصال بك، واحجبنا عن قول يبرأ من رضاك، وعمل يعمى صاحبه عن هداك، وألف بيننا وبين الحق، وقربنا من معادن الصدق، واعصمنا من بوائق الخلق، وانقلنا من مضايق الرزق، واهدنا إلى فوائد العتق.
اللهم إنك بدأت بالصنع، وأنت أهله، فأنعم بالتوفيق فإنك أهله. اللهم إنا نتضاءل عند مشاهدة عظمتك، وندل عليك عند تواتر برك، ونذل لك عند ظهور آياتك، نلح عليك عند علمنا بحودك، ونسألك من فضلك ما لا يرزأك ولا ينكأك، ونتوسل إليك بتوحيد لا ينتمي إليه خلق، ولا يفارقه حق.