٤٥- ويقال لمن أنكر ذلك: أتجيزون أن يحدث الله حياةً في جسمٍ ويعدمه الحس؟
فإن أنكروا ذلك قيل لهم: وما المعنى الذي دعاكم إلى الإنكار لذلك؟
فإن زعموا أن الذي دعاهم إلى ذلك هو أن الحياة علةٌ للحس وسببٌ له، وغير جائزٍ أن يوجد سبب شيءٍ ويعدم مسببه. وأوجبوا أن يكون المبرسم والمغمى عليه يحسان الآلام في حال زوال أفهامهما.
فيقال لهم: أتنكرون جواز فقد الآلام واللذات مع وجود الحياة؟
فإن أنكروا جواز ذلك، وقالوا: لا يكون حيٌ إلا من يألم ويلذ. قلنا لهم: أفتحيلون أن يكون حياً إلا مطيعاً أو عاصياً أو فاعلاً أو تاركاً؟ فإن قالوا: نعم. خرجوا من حد المناظرة لدفعهم الموجود المحسوس. وذلك أن الأطفال والمجانين موجودون أحياءٌ لا مطيعين ولا عاصين. وأن المغمى عليه والمبرسم لا فاعلٌ ولا تاركٌ اختياراً.
وإن قالوا: بل لا نحيل ذلك ونقول: جائزٌ وجود حيٍ لا مطيعاً،