عذبهم وأدخلهم النار بذنوبهم، وإن شاء عفا عنهم بفضله ورحمته فأدخلهم الجنة، غير أنه إن أدخلهم النار فعاقبهم بها لم يخلدهم فيها، ولكنه يعاقبهم فيها بقدر إجرامهم، ثم يخرجهم بعد عقوبته إياهم بقدر ما استحقوا فيدخلهم الجنة؛ لأن الله –جل ثناؤه- وعد على الطاعة والثواب، وأوعد على المعصية العقاب، ووعد أن يمحو بالحسنة السيئة ما لم تكن السيئة شركاً.
فإذا كان ذلك كذلك فغير جائز أن يبطل بعقاب عبدٍ على معصيته إياه ثوابه على طاعته؛ لأن ذلك محوٌ بالسيئة الحسنة لا بالحسنة السيئة، وذلك خلاف الوعد الذي وعد عباده، وغير الذي هو به موصوفٌ من العدل والفضل والعفو عن الجرم.
والعدل: العقاب على الجرم، والثواب على الطاعة.
فأما المؤاخذة على الذنب وترك الثواب والجزاء على الطاعة، فلا عدل ولا فضل، وليس من صفته أن يكون خارجاً من إحدى هاتين الصفتين.
٣٦- وبعد: فإن الأخبار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متظاهرةٌ بنقل من يمتنع في نقله الخطأ والسهو والكذب، ويوجب نقله العلم، أنه ذكر أن الله جل ثناؤه يخرج من النار قوماً بعد ما امتحشوا