مع علي إلى المدينة للنِّصف من ربيع الاول، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بقُباء لم يَرِمْ بعد، ذكر هذا الواقديُّ. وقال موسى بن عقبة عن ابن شهاب: وممَّن شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من النَّمر بن قاسط صُهيب ابن سنان. ولما هاجر إلى المدينة قالت له قريش: لا تَفْجعنا بنفسِك ومالك. فردَّ إليهم ماله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" رَبح البيعُ أبا يحيى ". وأنزل الله في أمره:" ومن الناس مَن يَشْري نفسه ابتغاءَ مَرضاةِ الله ".
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" صُهيب سابق الروم، وسلمانُ سابق فارسَ، وبلال سابقُ الحبشة ". وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحبَّ صُهيباً حبَّ الوالدة ولدَها ".
وفضائل صهيب وسلمان وبلال وعمار وخباب والمقداد وأبي ذرٍّ لا يحيط بها كتاب. وكان من فضله وورعه حسَن الخُلق مداعِباً. رُوي عنه أنه قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بقُباء، وبين أيديهم رُطبٌ وتمرٌ، وأنا أرمدُ. فأكلت فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" أتأكل التمر على عينِك؟ ". فقلت: يا رسول الله، آكل في شقِّ عيني الصحيحة. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه.
وأوصى إليه عمر بالصلاة بجماعة المسلمين حتى يتفق أهل الشورى. استخلفه على ذلك ثلاثاً، وهذا ممَّا اجتمع عليه لأهل السِّير والعلم بالخير. ومات صهيب بالمدينة سنة ثمان وثلاثين في شوالٍ، وهو ابن سبعين سنةً. وقيل: ابن ثلاث وسبعين، ودُفع بالبقيع. روى عنه من الصحابة عبد الله بن عمر، ومن التابعين كعب الأحبار وعبد الرحمن بن أبي ليلى وأسلمْ مولى عمر، يعدُّ في المدنيين.
وحُمران بن أبان: مولى عثمان بن عفان ابنُ عم صهيب. لحقه السِّباء من عين تمر في خلافة أبي بكر الصديق.