قال أبو محمد عبد الغني [بن سعيد] : هذا الرجل هو: سلمة بن صخر البياضي. والحجة في ذلك:
٣٦- ما حدثنا بكر بن عبد الرحمن، قال: حدثنا أبو ⦗١٢٢⦘ الزنباع، قال: حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر البياضي، قال: كنت امرأ أستكثر من النساء، وكنت قد أوتيت من ذلك ما لم يؤت أحد. فلما دخل شهر رمضان تظهرت ⦗١٢٣⦘ من امرأتي مخافة أن يكون مني شيء في بعض الليل، فتتابع ذلك بي حتى يدركني الصبح. فبينما هي تخدمني ذات ليلة في شهر رمضان في البيت تكشف منها شيء. فوثبت عليها، فلما فرغت سقط في يدي. فلما أصبحت أتيت نادي قومي، فقلت: تعلمون أني كنت تظهرت من امرأتي حتى ينسلخ هذا الشهر، وقد وقعت عليها في ليلتي هذه. فانطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نسأله. قالوا: لا والله لا ننطلق معك، إنا نخاف أن يكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء يلزمنا عاره، أو ينزل فينا قرآن بما نكره، فلنسلمنك بجريرتك، فانطلق أنت بنفسك حتى تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست بين يديه، قلت: أي رسول الله! كنت تظهرت من امرأتي حتى ينسلخ هذا الشهر، وقد أصبتها في هذه الليلة. قال: أنت بذلك يا سلمة؟ قلت: أنا بذلك يا رسول الله. قال: أنت بذلك يا سلمة؟ قلت: أنا بذلك يا رسول الله، فانظر فما حكم الله علي ورسوله فأمضه، فإني صابر له.
قال: أتجد رقبة تعتقها؟ قال: فضربت بيدي على صفحة عنقي، ثم قلت: والذي بعثك بالحق! ما أصبحت أملك رقبة غيرها. ⦗١٢٤⦘ قال: أتطيق أن تصوم شهرين متتابعين؟ قلت: يا رسول الله! فهل علي، وهل أحد -يعني: أدخل علي ما أدخل إلا الصوم-.
قال: فأطعم ستين مسكيناً. قلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لقد بتنا البارحة وحشاً ما عندنا طعام نأكله.
قال: فانطلق إلى صاحب صدقات بني زريق، وهم رهطك، فليدفع إليك ما اجتمع عنده من صدقاتهم، فأطعم عنك ستين مسكيناً، وأطعم بقيته أهلك.
قال: فانطلقت إلى قومي، فقلت: وجدتك عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة. أين صاحب صدقاتكم؟ فقد أمر لي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذتها وأطعمت عني ستين مسكيناً، وأطعمت بقية أهلي.