٢٩- حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الزُّبَيْرِ الْكُوفِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي الْعَنْبَسِ الزُّهْرِيُّ الْقَاضِي: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: هَلْ تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الشمس بالظهيرة صَحْوًا لَيْسَ فِيهِ سَحَابٌ؟ قَالَ: قُلْنَا: لا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَهَلْ تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ فِي لَيْلَةِ الْبَدْرِ صَحْوًا لَيْسَ فِيهِ سَحَابٌ؟ قَالَ: قُلْنَا: لا قَالَ: فَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا كَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَلا تَلْحَقْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، فَلا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَعْبُدُ صَنَمًا وَلا وَثَنًا وَلا صُورَةً إِلا ذَهَبُوا حَتَّى يَتَسَاقَطُوا فِي النَّارِ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَعَبُدُ اللَّهَ تَعَالَى وَحْدَهُ من بر وفاجر وغبارت أَهْلِ الْكِتَابِ، وَتُعْرَضُ جَهَنَّمَ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يُحَطِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، ثُمَّ يُدْعَى الْيَهُودُ فَيَقُولُ: مَاذَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ، فَيَقُولُ: كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ ⦗١٦٧⦘ وَلا وَلَدٍ، فَمَا تريدون؟ فيقولون: أي ربنا ظَمِئْنَا، فَيَقُولُ: أَفَلا تَرِدُونَ؟ فَيَذْهَبُونَ حَتَّى يَتَسَاقَطُوا فِي النَّارِ، ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى فَيَقُولُ: مَاذَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ، فَيَقُولُ: كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلا وَلَدٍ، فَمَاذَا تُرِيدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: أَيْ رَبٍّ، ظَمِئْنَا اسْقِنَا، فَيَقُولُ: أَفَلا تَرِدُونَ، فَيَذْهَبُونَ حَتَّى يَتَسَاقَطُوا فِي النَّارِ، فَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، فَيُقَالُ: أَيُّهَا النَّاسُ لَحِقَتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِمَا كَانَتْ تَعْبُدُ وَبَقِيتُمْ، فلا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلا الأَنْبِيَاءُ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا فَارَقْنَا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَنَحْنُ كُنَّا إِلَى صُحْبَتِهِمْ فِيهَا أَحْوَجُ، لَحِقَتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِمَا كَانَتْ تَعْبُدُ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنَا الَّذِي كُنَّا نَعْبُدُ، فَيُقَالُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ مِنْ آيَةٍ تَعْرِفُونَهَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقٍ، فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا أَجْمَعِينَ، فَلا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدنيا سمعة ولا رياء وَلا نِفَاقًا إِلا عَلَى ظَهْرِهِ طَبَقٌ كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ قَالَ: ثُمَّ يَرْفَعُ بَرُّنَا وَمُسِيئُنَا، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ أَنْتَ رَبُّنَا، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ، فَقُلْنَا: وَمَا الْجِسْرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِينَا أَنْتَ وأمنا؟ قال: دحض مزلة له كَلالِيبُ وَخَطَاطِيفُ وَحَسَكٌ يَكُونُ بِنَجْدٍ عَقِيفًا يُقَالُ لَهُ: السَّعْدَانِ، فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَالطَّرَفِ، وَكَالرِّيحِ، وَكَالطَّيْرِ، وَكَأَجْوَدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ، وَمُكَرْدَسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أَحَدُكُمْ أشد مناشدة له في الحق يراه مُصِيبًا لَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي إِخْوَانِهِمْ إِذَا رَأَوْا أَنْ قَدْ خَلَصُوا مِنَ النَّارِ يَقُولُونَ: أَيْ ربنا إِخْوَانُنَا إِخْوَانُنَا، كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَحِجُّونَ مَعَنَا، وَيُجَاهِدُونَ مَعَنَا، قَدْ أَخَذَتْهُمُ النَّارُ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اذْهَبُوا، فَمَنْ عرفتم صورته فأخرجوه، وتحرم صُورَتَهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيَجِدُونَ ⦗١٦٨⦘ الرَّجُلَ قَدْ أَخَذَتْهُ النَّارُ إِلَى قَدْرِ أنصاف ساقه وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَإِلَى حِقْوَيْهِ، فَيُخْرِجُونَ مِنْهَا بَشَرًا كَثِيرًا، ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَتَكَلَّمُونَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ في قلبه مثقال قِيرَاطٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ مِنْهَا بَشَرًا كَثِيرًا، ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَتَكَلَّمُونَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ قِيرَاطٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ مِنْهَا بَشَرًا كَثِيرًا، ثُمَّ يَعُودُونَ فَيَتَكَلَّمُونَ، فَلا يَزَالُ يَقُولُ لَهُمْ قَالَ: حَتَّى يَقُولُ: اذْهَبُوا فَأَخْرِجُوا مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ مِنْهَا بَشَرًا كَثِيرًا. فَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: إن لم تصدقوا فاقرؤوا: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ نَرَ فِيهَا خيرا، فيقولون: هَلْ بَقَى إِلا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ! قَدْ شَفَعَتِ الْمَلائِكَةُ، وَشَفَعَتِ الأَنْبِيَاءُ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، فَهَلْ بَقَى إِلا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ! قَالَ: فَيَأْخُذُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ قَوْمًا قَدْ عَادُوا حُمما لَمْ يَعْمَلُوا لَهُ عَمَلا خَيْرًا قَطُّ فَيُطْرَحُونَ، يَعْنِي فِي نَهْرٍ فِي فِنَاءِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: نَهْرُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ فِيهِ - وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ - كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَميل السَّيْل، أَلَمْ تَرَوْهَا وَمَا يَلِيهَا مِنَ الظِّلِّ أُصَيْفِرَ، وَمَا يَلِيهَا مِنَ الشمس أخيضر، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّكَ تَكُونُ فِي الْمَاشِيَةِ؟ قَالَ: يَنْبُتُونَ كَذَلِكَ فَيُخْرَجُونَ أَمْثَالَ اللُّؤْلُؤِ فجعل فِي رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِيمَ، ثُمَّ يُرْسَلُونَ فِي الْجَنَّةِ فَيُقَالُ: هَؤُلاءِ الْجُهَنَّمِيُّونَ، هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَخْرَجَهُمُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمَلُوهُ وَلا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ: خُذُوا فَلَكُمْ مَا أَخَذْتُمْ، فَيَأْخُذُونَ حتى ينتهوا، ثُمَّ يَقُولُونَ: يُعْطِينَا اللَّهُ مَا أخذنا فيقول: أفلا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِمَّا أَخَذْتُمْ؟ ⦗١٦٩⦘ فَيَقُولُونَ: وَمَا أَفْضَلُ مِمَّا أَخَذْنَا؟ فَيَقُولُ: رِضْوَانِي فَلا أَسْخَطُ.
صحيح أخرجه مسلم عَنْ أَبِي بكر عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شيبة عَنْ جَعْفَر بْن عون أَبِي عون المخزومي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute